﴿وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (١٧٦) إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (١٧٧)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَلَا يَحْزُنْكَ﴾ يقال: حَزِنَ فلانٌ يَحْزَنُ بكسر العين في الماضي وفتحها في الغابر حَزَنًا خلاف سَرّ، فهو حزِنٌ وحزِينٌ، وحزَنَهُ غيرُه يحزُنُه بفتح العين في الماضي وضمها في الغابر حَزَنًا وحُزْنًا فيهما، وأَحزَنَهُ أيضًا لغة.
قال اليزيدي رحمه الله: حَزَنَهُ لغة قريش، وأَحْزَنَهُ لغة تميم (١)، وقد قرئ بهما (٢)، وعن بعض أهل اللغة: حَزَئتُهُ، إذا جَعْلتَ فيه حُزْنًا، وأَحْزَنْتُهُ، إذا جعلتَه حزينًا (٣). وهو نهي في الظاهر للمسارعين في الكفر عن أن يحزنوا رسول الله - ﷺ -، وهو في المعنى نهي له عليه الصلاة والسلام عن أن يحزن لأجلهم.
وقوله: ﴿إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا﴾ (شيئًا) منصوب على المصدر لوقوعه موقعه، كأنه قيل: لن يضروه ضرًا أو شيئًا منه، وعليه المعنى. وقيل: هو نصب بـ ﴿يَضُرُّوا﴾ على إرادة الجار وهو الباء، أي بشيء، فحُذف الجار وأوصل الفعل، وقد ذُكر قبيل، والله أعلم (٤).
(٢) كلاهما من الصحيح، فقد قرأ نافع وحده بضم الياء وكسر الزاي، وقرأ الباقون بفتح الياء وضم الزاي. انظر السبعة/ ٢١٩/، والتذكرة ٢/ ٢٩٨، والنشر ٢/ ٢٤٤.
(٣) انظر كتاب سيبويه ٤/ ٥٦ - ٥٧، والكشف ١/ ٣٦٥.
(٤) انظر إعراب الآية السابقة.