ذكرت]، لأنَّ الشيء إذا أتى على أصله لا يخرج عن أصله لغير اضطرار خصوصًا في الكتاب العزيز (١).
﴿رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (١٩٢)﴾:
قوله عزَّ وجلَّ: ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ﴾، (من) شرطية في موضع نصب بـ ﴿تُدْخِلِ﴾، و ﴿تُدْخِلِ﴾ جزم به، و ﴿النَّارَ﴾ مفعول ثان لـ ﴿تُدْخِلِ﴾، ولك أن تجعل ﴿مَنْ﴾ في موضع رفع بالابتداء، وما بعده الخبر، وأحد مفعولي ﴿تُدْخِلِ﴾ محذوف تقديره: من تدخله النار، تَعْضُد هذا الوجه قراءةُ مَنْ قرأ: (ومن يؤته اللَّهُ الحكمة) وهو الأعمش (٢)، وقد أوضحتُ إعرابَ هذه الآية في "البقرة" (٣).
و﴿مَنْ تُدْخِلِ﴾ وجوابه في موضع رفع بخبر إنَّ.
ومعنى ﴿أَخْزَيْتَهُ﴾: أذللته، يقال: خَزِي فلان يَخْزَى بكسر العين في الماضي وفتحها في الغابر خِزْيًا إذا ذَلَّ، وأخزاه غيره.
﴿رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (١٩٣)﴾:
قوله عزَّ وجلَّ: ﴿مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ﴾. (ينادي) في موضع نصب لكونه صفة لقوله: ﴿مُنَادِيًا﴾، يقال: دعاه لكذا وإلى كذا، وهدانا لهذا وإلى هذا بمعنًى؛ لأنَّ (إلى) للغاية، واللام لِلْغَرَضِ وهو غاية للقصد، فلما اجتمعا في المعنى جاز وقوع كلّ واحد منهما مكان الآخر، وفي الكلام حذف
(٢) انظر قراءة الأعمش في الكشاف ١/ ١٦٣، والمحرر الوجيز ٢/ ٣٣٠، وصحف فيه الاسم إلى (الأخفش).
(٣) عند إعراب الآية (٢٦٩) منها.