وقوله: ﴿أَنِّي لَا أُضِيعُ﴾ الجمهور على فتح الهمزة من ﴿أَنِّي﴾ على إسقاط الجار وهو الباء، أي بأني. وقرئ: بالكسر (١) على إرادة القول، أي: قال لهم: إني. وأصل ﴿أُضِيعُ﴾: أُضْيعُ، فنُقلت حركة الياء إلى الضاد.
﴿مِنْكُمْ﴾: في موضع جر لكونه صفة لـ ﴿عَامِلٍ﴾. وكذا ﴿مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى﴾ صفة له بعد صفة، وقد جوز أن يكون بدلًا من ﴿مِنْكُمْ﴾، وأن يكون حالًا من المستكن في ﴿مِنْكُمْ﴾ (٢).
و(من) في ﴿مِنْ ذَكَرٍ﴾ لبيان الجنس، وقد جوز أن تكون زائدة مؤكدة للنفي، والتقدير: عمل ذكر أو أنثى (٣).
وقوله: ﴿بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾ ابتداء وخبر، والمعنى: أن ذكوركم وإِناثكم يجمعهما أصل واحد، فكل واحد منكم من الآخر، أي من أصله. وقيل: في الدِّين وفي التناصر والتعاون (٤)، ومحل الجملة النصب على الحال من المنوي في ﴿مِنْكُمْ﴾، أي: متجانسين أو متناصرين.
وقوله: ﴿فَالَّذِينَ هَاجَرُوا﴾ في موضع رفع بالابتداء، ونهاية صلة ﴿الَّذِينَ﴾: ﴿وَقُتِلُوا﴾. و ﴿لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ﴾: جواب قسم محذوف، وخبر الابتداء المذكور.
وقوله: ﴿ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾ (ثوابًا) اسم واقع موقع مصدر مؤكد لما قبله، كقوله: (﴿كَتَابَ اللَّهِ﴾ (٥)، و ﴿صُنْعَ اللَّهِ﴾ (٦) بمعنى: إثابةً من عند
(٢) الثلاثة أوجه في التبيان ١/ ٣٢٢.
(٣) كون (من) زائدة: حكاه الطبري ٤/ ٢١٥ عن بعض نحويي البصرة، ورجح كونها مفسرة.
(٤) قاله الطبري ٤/ ٢١٦. واقتصر الماوردي ١/ ٤٤٣ على الأول قال: (بعضكم من بعض) أي الإناث من المذكور، والذكور من الإناث. وقال النحاس ١/ ٣٨٧: أي دينكم واحد.
(٥) سورة البقرة، الآية: ١٠١.
(٦) سورة النمل، الآية: ٨٨.