الاتصال، فلما اشتد الاتصال لتكرره أشبه العطف على بعض الكلية فلم يجز، ووجب تكرير العامل كقولك: مررت به وبزيد، وهذا غلامه وغلام زيد، ألا ترى إلى صحة قولك: رأيتك وزيدًا، ومررت بزيد وعمرٍو لَمّا لَمْ يَقْوَ الاتصال؛ لأنه لَمْ يتكرر (١).
وقال بعض أهل العربية ممن نصر هذه القراءة: إن ضمير المجرور وإن اشتد اتصاله بالجار، وأنه لا ينفصل، فشبه بالتنوين من هذين الوجهين من حيث لا يقوم بنفسه، كما لا يقوم التنوين بنفسه، فلما كان العطف على التنوين لا يجوز، كان العطف على ما هو بسبيله بمنزلته، فإن له بحق الاسمية مزية، بدليل توكيدِه، والبَدَل منه، والإِخبارِ عنه، وتثنيتِهِ وجمعِه، فله هذه الإحكام من الاسمية، وله الشَّبَهُ المذكور بالتنوين، فَنُعْطِيهِ تارة بالاسمية حكم الاسم فنعطف عليه، وتارة بالشَّبَهِ حكم التنوين فنمنع من العطف عليه.
وأما الرفع: فعلى الابتداء، والخبر محذوف، أي: والأرحامُ كذلك، على معنى: والأرحام مما يتقى؛ لأنَّها محترمة، يعضده قول الحسن رحمه الله: إذا سألك بالله فأَعْطِه، وإذا سألك بالرحم فأعطه (٢).
﴿وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا (٢)﴾:
قول عزَّ وجلَّ: ﴿وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ﴾ الجمهور على الإِتيان بتاءين في ﴿وَلَا تَتَبَدَّلُوا﴾ على الأصل، وقرئ: (وَلَا تَبَدَّلوا) بطرح التاء الثانية تخفيفًا (٣).

(١) الكشاف ١/ ٢٤١.
(٢) كذا في الكشاف ١/ ٢٤١ عن الحسن أيضًا. وأخرجه الطبري ٤/ ٢٢٧ عنه لكن بلفظ: أنشدك الله والرحم.
(٣) رويت عن ابن محيصن: انظر إعراب النحاس ١/ ٣٩٢، والمحرر الوجيز ٤/ ١١، وزاد المسير ٢/ ٥.


الصفحة التالية
Icon