وقوله: ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا﴾ (ذلك) رفع بالابتداء، والإِشارة إلى الحكم المذكور وهو اختيار الواحدة والتَّسَرِّي، وخبره ﴿أَدْنَى﴾، أي: أقرب إلى ألا تميلوا، أو من ألا تميلوا، من قولهم: عال الميزان يعول عولًا، إذا مال، فهو عائل، أي: مائل، قال الشاعر:

١٤٩ - بِمِيْزانِ صِدْقٍ لا يُغِلُّ شَعِيَرةً له شاهدٌ من نَفْسِهِ غَيرُ عائِلِ (١)
وعال الحاكم في حكمه، أي: جار ومال، ورُوي أن أعرابيًّا حَكَمَ عليه حاكم، فقال له: أتعول عليَّ (٢)؟.
والجمهور على فتح التاء وضم العين، من عَال يَعُول، وقد أوضحتُ معناه آنفًا، وقرئ: (ألَّا تُعِيلوا) بضم التاء وكسر العين (٣)، من أَعال الرجل يُعيل إعالة، إذا كَثُرَ عياله، فهو مُعِيلٌ، والمرأة مُعيلة، وهذه القراءة تعضد تفسير الشافعي رحمه الله تعالى في قراءة الجمهور أن المعنى: ذلك أدنى إلا يَكْثُرَ عيالُكم، من عُلْتُ الصبي أعوله عولَا وعيالة، إذا مُنْتَهُ (٤) وأنفقتَ عليه، أي: ذلك أدنى ألا تمونوا العيال فتحتاجوا إلى الإنفاق، فاعرفه فإنه موضع.
﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (٤)﴾:
قوله عزَّ وجلَّ: ﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ﴾ الجمهور على فتح الصاد وضم الدال في ﴿صَدُقَاتِهِنَّ﴾، وهي جمع صَدُقَة، والصدُقَة: مهر المرأة.
(١) البيت لأبي طالب من قصيدة طويلة يدافع فيها عن الرسول - ﷺ -، انظره في سيرة ابن هشام ١/ ٢٤٢ و ٢٧٧، وجامع البيان ٤/ ٢٤٠، والصحاح (عول). والنكت والعيون ١/ ٤٥٠، والمحرر الوجيز ٤/ ١٧، وفي بعض ألفاظ البيت خلاف.
(٢) ذكره صاحب الكشاف ١/ ٢٤٥.
(٣) نسبها الزمخشري ١/ ٢٤٥ إلى طاووس، وعزاها القرطبي ٥/ ٢٢ إلى طلحة بن مصرف.
(٤) في الصحاح (مون) مانَه يمونه مونًا: إذا احتمل مؤونته، وقام بكفايته.


الصفحة التالية
Icon