﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (٦)﴾:
قوله عزَّ وجلَّ: ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ﴾: أي: واختبروهم في عقولهم ودينهم، وذوقوا أحوالهم قبل البلوغ (١).
و﴿حَتَّى﴾ غاية للابتلاء، وهي حتى التي تقع بعدها الجمل، والجملة الواقعة بعدها هنا جملة شرطية، لأنَّ (إذا) متضمنة معنى الشرط، هذا وَضعُها، وفعل الشرط ﴿بَلَغُوا﴾.
وقوله: ﴿فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾ جملة من شرط وجزاء، والجملة جواب للشرط الأول الذي هو ﴿إِذَا بَلَغُوا﴾، والعامل في ﴿إِذَا﴾ ما دل عليه معنى الجملة التي هي الجواب، وهو استحقوا وشبهه.
وقوله: ﴿حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ﴾ أي: حالَ النِّكَاح، وهو الاحتلام، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - وغيره (٢)؛ لأنه يَصْلُحُ للنكاح عنده، ولطلب ما هو مقصود به وهو التوالد والتناسل. والإِيناس: الإحساس، عن الخليل (٣).
وقوله: ﴿وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا﴾ (إسرافًا وبدارًا) مصدران في موضع الحال من الضمير في ولا تأكلوا، أي: مسرفين ومبادرين كِبَرَهُمْ، وقيل: هما مفعولان من أجلهما (٤)، أي: لإسرافكم ومبادرتكم كِبَرَهم تَفْرُطُونَ في إنفاقها وتقولون: نُنفق كما نشتهي قبل أن يكبر اليتامى فينتزعوها من أيدينا.
(٢) أخرجه الطبري ٤/ ٢٥٢ عنه وعن مجاهد، وابن زيد.
(٣) انظر العين ٧/ ٣٠٨.
(٤) الإعرابان هكذا للزمخشري ١/ ٢٤٨، وهما للنحاس ١/ ٣٩٦ - ٣٩٧. ومكي ١/ ١٨٠ أيضًا لكن مع تقديم الثاني.