وقرئ: (يُورَثُ) بفتح الراء على البناء للمفعول وعليه الجمهور، وقرئ: بكسرها على البناء للفاعل (١)، من أورث ليس إلَّا. وأما قراءة الجمهور فتحتمل أن تكون من وُرِثَ، وأن تكون من أُورِثَ على ما ستراه موضحًا إن شاء الله.
و﴿كَانَ﴾ هنا تحتمل أن تكون ناقصة، وأن تكون تامة، فإذا فهم هذا فقوله تعالى: ﴿وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ﴾: حرف شرط، و ﴿رَجُلٌ﴾: اسم كان وهو المتوفَّى. و ﴿يُورَثُ﴾ من وُرِثَ، أي: يورَث منه، وهو صفة له. و ﴿كَلَالَةً﴾: خبر كان، أي: وإن كان رجل مَوْرُوثٌ منه كلالةً.
ولك أن تجعل ﴿يُورَثُ﴾ خبر كان، و ﴿كَلَالَةً﴾ حالًا من المستكن في ﴿يُورَثُ﴾، وإن جعلت ﴿كَانَ﴾ بمعنى حدث ووقع، كان ﴿رَجُلٌ﴾ فاعلًا بها، و ﴿يُورَثُ﴾ صفةٌ له ليس إلَّا، و ﴿كَلَالَةً﴾ حالٌ من الذِّكْرِ في ﴿يُورَثُ﴾، أي: كَلًّا.
والكلالة على هذين الوجهين اسم للميت الموصوف، وإن جعلتها اسمًا للورثة كانت خبر كان، والتقدير: وإن كان رجل مورث منه ذا كلالة، وإن جعلت ﴿كَانَ﴾ تامة كانت تمييزًا، وإن جعلت الكلالة اسمًا للمال كان مفعولًا ثانيًا ليورَث؛ لأنك تقول: وَرِثْتُ من أبي مالًا، وَوَرِثْتُ أبي مالًا، وإن جعلتها اسمًا للقرابة، كان مفعولًا من أجله، أي: يورث لأجل القرابة.
وإن جعلت ﴿يُورَثُ﴾ على قراءة الجمهور من أُورث، كان الرجل هو الوارث، ومن وُرِث هو الموروث. وأما مَن قرأ (يُورِثُ) على البناء للفاعل، فـ ﴿كَلَالَةً﴾ تحتمل أن تكون حالًا من المستكن في يورِث، ويكون مفعولًا يورث محذوفين، والتقدير: يورِثُ مَن تَرَكَهُ مالَهُ كَلالةً، وأن تكون مفعولًا به على أنَّها اسم للورثة أو للمال، وعلى كلا التقديرين أحد المفعولين

(١) شاذة نسبت إلى الحسن، وأبي رجاء. انظر معاني النحاس ١/ ٣٧، والمحتسب ١/ ١٨٢.


الصفحة التالية
Icon