﴿يُدْخِلْهُ﴾، وإنما وُحِّدَ ذو الحال وجُمعت الحالُ حملًا على لفظ ﴿مَنْ﴾ ومعناه، كقوله: ﴿مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ (١).
وكذلك قوله: ﴿نَارًا خَالِدًا فِيهَا﴾ (نارًا) مفعول ثان لقوله: ﴿يُدْخِلْهُ﴾، و ﴿خَالِدًا﴾ حال من الهاء في ﴿يُدْخِلْهُ﴾.
ولا يجوز أن يكون ﴿خَالِدِينَ﴾ و ﴿خَالِدًا﴾ صفتين لـ ﴿جَنَّاتٍ﴾ و ﴿نَارًا﴾، كما زعم بعضهم (٢)، كما تقول: بَكْرٌ مررتُ بدارٍ ساكنٍ فيها، على حذف الضمير من ساكن، أي: هو فيها؛ لأنهما جَرَيا على غير مَنْ هُما له، واسم الفاعل إذا جرى على غير من (٣) هو له برز ضمير الفاعل، لا بد منه، لانتفاء اللبس، فتقول: خالدين هم فيها، وخالدًا هو فيها، كما تقول: هند زيد ضاربته هي، فتبرز (هي) لجريان اسم الفاعل على غير من هو له، وفيه كلام لا يليق ذكره هنا (٤).
﴿وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا (١٥)﴾:
قول عزَّ وجلَّ: ﴿وَاللَّاتِي﴾ اللاتي جمع التي، والتي اسم مبهم للمؤنث، وفيه ثلاث لغات: التي، واللَّتِ بكسر التاء من غير ياء، واللَّتْ بإسكانها.
وفي تثنيتها ثلاثُ لغاتٍ: اللَّتان، واللَّتا بحذف النون. واللَّتانِّ بتشديد النون.
وفي جمعها خمس لغات: اللاتي، واللاتِ بكسر التاء من غير ياء،

(١) سورة البقرة، الآية: ١١٢.
(٢) هو للزجاج ٢/ ٢٧، وقاله مكي في المشكل ١/ ١٨٤ لكن بشرط سوف يذكره المؤلف أيضًا، وحكى العكبري ١/ ٣٣٨ جوازه عند الكوفيين.
(٣) في (ب): إذا جرى على غير (ما) هو له.
(٤) انظر أيضًا الكشاف ١/ ٢٥٧.


الصفحة التالية
Icon