وقوله: ﴿أَنْ تَكْرَهُوا﴾ أن وما عملت فيه في موضع رفع بعسي، ولم تحتج هنا إلى الخبر، كما احتاجت إليه في قولك: عسى فلان أن يخرج؛ لأنَّ (أن) إذا ذُكِر أولًا وجرى ذكر الفاعل في حلته نحو: عسى أن يخرج فلان، استغنيت عن تقدير المفعول المسمى خبرًا، إذ الغرض تقريب الخروج وقد حصل، ح فيجري مجرى قولك: قرب أن يخرج فلان، أي: قرب خروجه، وكذا تقدير الآية، أي: قربت كراهتكم لشيء.
والفاء في (فعسى) جواب الشرط، على تأويل: فإن كرهتموهن فاصبروا عليهن مع الكراهة، فلعل لكم فيما تكرهونه خيرًا كثيرًا ليس فيما تحبونه.
وقوله: ﴿وَيَجْعَلَ اللَّهُ﴾ عطف على ﴿أَنْ تَكْرَهُوا﴾، وقرئ: (ويجعلُ) بالرفع (١) على أنَّه في موضع النصب على الحال.
﴿وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (٢٠)﴾:
قوله عزَّ وجلَّ: ﴿مَكَانَ زَوْجٍ﴾ ظرف للاستبدال، والضمير في ﴿مِنْهُ﴾ للقنطار، والقنطار: المال العظيم، قيل: هو من قَنْطَرتُ الشيءَ، إذا رفعتَه، ومنه القنطرة؛ لأنَّها بناء مشيد.
والضمير في ﴿أَتَأْخُذُونَهُ﴾ - أعني الهاء - للشيء.
وقوله: ﴿بُهْتَانًا وَإِثْمًا﴾ مصدران في موضع الحال من الواو في ﴿أَتَأْخُذُونَهُ﴾ أي: باهتين وآثمين، ويحتمل أن يكونا مفعولين من أجلهما، وإن لَمْ يكونا غرضين، كقولك: قعد عن القتال جُبْنًا، وفعل ذلك عَجْزًا، فالجُبن والعَجز لا يكونان غرضين إلّا أنهما لا يخرجان عن الأصل المعهود من حيث أن القعود عن الحرب هو الجبن في المعنى. كما أن الضرب في