فإن قلت: هل يصح أن تكون صفة للنساء المجرورة بالإِضافة أو لهما؟ قلت: لا، لوجهين:
أحدهما: القرب، لأن ما يليه أولى بذلك مع أن المجرورتين هنا مختلفتان، قال أبو إسحاق: والجرَّان إذا اختلفا لم يكن نعتهما واحدًا، لا يُجيز النحويون: مررت بنسائك، وهربت من نساء زيد الظريفات، على أن تكون الظريفات نعتًا لهما. انتهى كلامه (١).
والثاني: أن الأم تَحْرُمُ بنفس العقد عند الأكثر، يعضده قول ابن عباس - رضي الله عنهما -: أَبْهِمُوا ما أَبْهَمَ اللَّهُ (٢). وبنتها لا تحرم إلَّا بالدخول، فالمعنيان مختلفان.
وقوله: ﴿وَحَلَائِلُ﴾ جمع حَلِيلة، فالرجل حَليل امرأته، والمرأة حليلة زوجها؛ لأن كل واحد منهما يَحُل مع الآخر في فِراشٍ وغيره، أي: ينزل. ويقال: حليلة بمعنى مُحَلَّة من الحلال (٣)؛ لأنها تَحِلُّ له وَيحِلُّ لها، يقال: حَلَّ لك هذا يَحِلُّ حِلًّا وحَلالًا، وهو حِلٌّ بِلٌّ، أي: طِلْقٌ (٤).
وقوله: ﴿مِنْ أَصْلَابِكُمْ﴾ احتراز عن حليلة المُتَبَنَّى لأن المتبنَّى كان بمنزلة الابن في الجاهلية، فاعرفه (٥).
وقوله: ﴿وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ﴾ أن وما عملت فيه في موضع رفع بالعطف على المُحَرَّمات، أي: وحُرِّم عليكم الجمع بينهما

(١) معاني الزجاج ٢/ ٣٤.
(٢) حكاه أيضًا: الزمخشري ١/ ٢٦٠.
(٣) قاله الزجاج ٢/ ٣٥.
(٤) البِلُّ: المباح. والطلْقُ: الحلال. وانظر الصحاح (طلق) و (حلل) و (بلل).
(٥) لذلك تزوج رسول الله - صلي الله عليه وسلم - السيدة زينب بنت جحش بعد أن طلقها زيد بن حارثة رضي الله عنهما، وكان رسول الله - صلي الله عليه وسلم - قد تبناه. وأما حليلة الابن من الرضاع فهي محرمة بالسُّنَّة إجماعًا.


الصفحة التالية
Icon