أَيْمَانُكُمْ} بإعادة العامل. والفتيات: المملوكات، قال أبو إسحاق: العرب تقول للأَمَةِ: فتاةٌ، وللعبد: فتًى (١).
وقوله: ﴿بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾ ابتداء وخبر، أي: أنتم وأَرِقّاؤكم سِيَّانِ لاشتراككم في الإِيمان، فلا يمتنع حر من نِكاحِ أَمَةٍ بشرطين: أحدهما عدم الطول، والثاني خوف العَنَت، وقد صرح الله جل ذكره بهما. وعن ابن عباس - رضي الله عنهما -: مَن ملك ثلاثمائة درهم فقد وجب عليه الحج وحرم عليه نكاح الإِماء (٢). والآية وقول ابن عباس - رضي الله عنهما - كلاهما حُجَّةٌ على من جوز نكاح الأمة لمن كان موسرًا.
وقيل: ﴿بَعْضُكُمْ﴾ فاعل فعل مضمر، أي: لينكح بعضهم من بعض، دل عليه قوله: ﴿وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا﴾ الآية، فلينكح مما ملكت أيمانكم، فاستُغني عن إظهاره لتقدم ما يدل عليه (٣)، والوجه ما ذكرت وهو أن يكون ابتداء وخبرًا.
وقوله: ﴿مُحْصَنَاتٍ﴾ حال من الهاء والنون من ﴿فَانْكِحُوهُنَّ﴾ (٤) وكذلك ﴿غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ﴾. والأَخْدان: الأخلّاء في السر، واحدهم: خِدْنٌ، كأنه قيل: فانكحوهن عفائفَ غير مجاهراتٍ بالسفاح ولا مُسِرّاتٍ له.
وقوله: ﴿فَإِذَا أُحْصِنَّ﴾ قرئ: بضم الهمزة على البناء للمفعول، أي:

(١) معاني الزجاج ٢/ ٤٠. وانظر جامع البيان ٥/ ١٨، ومعاني النحاس ٢/ ٦٣. وفي الحديث المتفق عليه: "لا يقل أحدكم: عبدي وأمتي، وليقل: فتاي وفتاتي".
(٢) حكاه صاحب الكشاف ١/ ٢٦٢ - ٢٦٣ عنه. وأخرجه ابن أبي شيبة، وعبد الرزاق كما في تخريج الكشاف للحافظ بن حجر/٤٢/.
(٣) انظر هذا الوجه من الإعراب والمعنى في جامع البيان ٥/ ١٩. وإعراب النحاس ١/ ٤٠٦ - ٤٠٧، والتبيان ١/ ٣٤٩.
(٤) كذا في (أ)، ويؤيده المعنى الذي سيذكره آخر الإعراب، وفي (ب) و (د): (فآتوهن).
واقتصر عليه العكبري ١/ ٣٤٩. فيكون معنى (محصنات): مزوجات.


الصفحة التالية
Icon