وجعل هنا يتعدى إلى مفعولين؛ لأنه بمعنى صَيَّرَ، فموالي مفعول أول ﴿وَلِكُلٍّ﴾ ثان. والمضاف إليه محذوف وفيه تقديران:
أحدهما: ولكل شيء مما ترك الوالدان والأقربون جعلنا وُرَّاثًا يَلُونه ويُحْرِزونه، أي: جعلنا ورّاثًا لكل مال مما تركه المذكورون، فـ ﴿مِمَّا تَرَكَ﴾ على هذا في موضح [جر على أنه صفة لشيءٍ المحذوف وهو المال.
والثاني: ولكل أحد جعلنا وارثًا، أي: جعلنا وارثًا لكل ميت، فـ ﴿مِمَّا تَرَكَ﴾ على هذا في موضع] (١) نصب على أنه متصل بِمَوَالٍ على جهة الصفة متعلق بمحذوف، و (ما) على هذا بمعنى (مَن) أي: مَوَالِيَ ممن خَلَّفهم الوالدانِ والأقربونَ.
وقوله: ﴿وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ يحتمل أن يكون محل (الذين) رفعًا بالابتداء، ونهاية صلته ﴿أَيْمَانُكُمْ﴾، والخبر: ﴿فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ﴾، ودخلت الفاء في الخبر؛ لأن المبتدأ قد ضُمِّنَ معنى الشرط. وأن يكون نصبًا إما: عطفًا على ﴿مَوَالِيَ﴾، أي: وجعلنا الذين (عاقدت) (٢) وُرَّاثًا، وكان ذلك ونسخ، وقوله: ﴿فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ﴾ تأكيدٌ. أو: على إضمار فعل يفسره هذا الظاهر، كقولك زيدًا فاضربه، أي: وآتوا الذين عقدت أيمانكم. وقد جوز أن يكون عطفًا على ﴿الْوَالِدَانِ﴾، أي: وترك الذين عاقدت أيمانكم فآتوا كلًّا نصيبه، ثم نسخ منها ما نسخ وبقي ما بقي.
وقرئ: (عاقدت) بالألف؛ لأن لكل واحد من المتحالفين يمينًا، والفعل إذا كان من اثنين فبابه المفاعلة.
وقرئ: (عقدت) بحذف الألف (٣)؛ لأن الأيمان هي المعاقِدَةُ للحلف
(٢) قراءة صحيحة لأكثر العشرة كما سيأتي.
(٣) قرأها الكوفيون بغير ألف. وقرأها الباقون بالألف. انظر السبعة/ ٢٣٣/، والحجة ٣/ ١٥٦، والمبسوط/ ١٧٩، والتذكرة ٢/ ٣٠٦.