واختلف في الفَخُور، فقيل: هو الذي يعدد مناقب نفسه كِبْرًا (١). وقيل: هو الذي يتكبر على الناس بما خَوَّلَهُ اللَّهُ من نعمته (٢). وقيل: هو الذي لا يقابل نعم الله بالشكر (٣).
﴿الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (٣٧)﴾:
قوله عز وجل: ﴿الَّذِينَ يَبْخَلُونَ﴾ محل ﴿الَّذِينَ﴾ يحتمل أن يكون نصبًا، إما على البدل مِن (مَن) في قوله: ﴿لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا﴾، ولا يكون صفة له، لأن (مَن) لا يوصَف ولا يوصَف به، أو على الذم، وأن يكون رفعًا، وفيه أوجه:
أحدهما: أن يكون مبتدأ والخبر محذوف تقديره: الذين يبخلون ويفعلون ويصنعون معاقبون، دلّ عليه ﴿وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا﴾، أو مَشْنُوْءُونَ، دل عليه ﴿لَا يُحِبُّ﴾ (٤)، أو أحقَّاء بكل ملامة، دل عليه معنى ما قبله وما بعده من الكلام.
والثاني: أن يكون بدلًا من اسم كان حملًا على معنى (مَن).
والثالث: أن يكون خبر مبتدأ محذوف، أي: هم الذين.
والرابع: أن يكون مبتدأ أيضًا، وما بعده عطف عليه، والخبر ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ﴾ (٥) أي: لا يظلمهم مثقال ذرة، هذا الوجه عن أبي
(٢) نسب معنى هذا القول إلى ابن عباس رضي الله عنهما، انظر مفاتيح الغيب ١٠/ ٧٩. واقتصر عليه الماوردي ١/ ٤٨٦.
(٣) في جامع البيان ٥/ ٨٤، وزاد المسير ٢/ ٨٠ عن مجاهد: الفخور هو الذي يعدّ ما أعطى ولا يشكر الله.
(٤) من الآية السابقة، ومعنى مشنوءون: مبغوضون.
(٥) من الآية (٤٠) الآتية.