ترابًا. والتيمم والتأمم: التعمد والقصد. والصعيد: التراب، عن الفراء (١). قال الإِمام الشافعي - رضي الله عنه -: لا يقع اسم صعيد إلّا على تراب ذي غبار (٢).
و﴿طَيِّبًا﴾ نَعْتٌ لصعيد، أي: نظيفًا. وقيل: هو (٣) على تقدير حذف الباء، أي بصعيد. وقيل: هو ظرف، وهذا على قول من جعل الصعيد الأرض، أو وجه الأرض، والوجه هو الأول وعليه المعنى والإِعراب (٤).
وقوله: ﴿فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ﴾ عطف على ﴿فَتَيَمَّمُوا﴾ والباء صلة للتأكيد، أي: فامسحوا وجوهكم به أو منه، بشهادة قوله جل ذكره في المائدة: ﴿وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ﴾ [آية: ٦] فأتى بـ (منه) كما ترى.
﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ (٤٤)﴾:
قوله عز وجل: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ﴾ يحتمل (ترى) هنا أن يكون من رؤية القلب، على معنى: ألم ينته علمك إليهم؟ فَعُدِّيَ بإلى لهذا المعنى، وأن يكون من رؤية البصر، أي: ألم تنظر إليهم؟ و ﴿نَصِيبًا﴾: مفعول ثان للإيتاء، و ﴿مِنَ الْكِتَابِ﴾ في موضع نصب على النعت لقوله: ﴿نَصِيبًا﴾ أي: حظًّا من علم التوراة. ولك أن تعلقه بـ ﴿أُوتُوا﴾.
﴿يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ﴾: في محل النصب على الحال من الضمير في ﴿أُوتُوا﴾. و ﴿يُرِيدُونَ﴾ عطف عليه، وحكمه في الإِعراب حكمه.

(١) وهو قول علي، وابن مسعود، والشافعي رضي الله عنهم. انظر تفسير الماوردي ١/ ٤٩١، وزاد المسير ٢/ ٢٣٦، حيث ذكر معهم الفراء.
(٢) كذا عنه رحمه الله بهذا اللفظ في زاد المسير ٢/ ٩٤ - ٩٥، وجامع القرطبي ٥/ ٢٣٦.
(٣) يعني (صعيدًا).
(٤) انظر هذين القولين في جامع القرطبي ٥/ ٢٣٧. واقتصر العكبري ١/ ٣٦٢ على الأول.


الصفحة التالية
Icon