المنوي في قوله: ﴿وَاسْمَعْ﴾ أي: اسمع غير سامع. والمعنى: لا سمعت، وهو دعاء عليه. قيل: كانوا يقولون: اسمع، ويقولون في أنفسهم: لا سمعت (١).
الزمخشري قولهم: (غير مسمع) حال من المخاطب، أي: اسمع وأنت غير مسمع، وهو قول ذو وجهين: يحتمل الذم، أي: اسمع منا مدعوًا عليك بلا سمعت؛ لأنه لو أجيبت دعوتهم عليه لم يسمع، فكان أصم غير مسمع، قالوا ذلك اتكالًا على أنّ قولهم: لا سمعت دعوة مستجابة أو اسمع غير مجاب إلى ما تدعو إليه، ومعناه: غير مسمع جوابًا يوافقك، فكأنك لم تسمع شيئًا، أو اسمع غير مسمع كلامًا ترضاه، فسمعك عنه نابٍ، ويجوز على هذا أن يكون ﴿غَيْرَ مُسْمَعٍ﴾ مفعول اسمع، أي: اسمع كلامًا غير مسمع إياك؛ لأن أذنك لا تعيه نُبُوًّا عنه، ويحتمل المدح، أي: اسمع غير مسمع مكروهًا، من قولك: أَسْمَعَ فلان فلانًا، إذا سَبَّهُ، انتهى كلامه (٢).
وقوله: ﴿وَرَاعِنَا﴾ عطف على ﴿وَاسْمَعْ﴾، وهو أمر أيضًا من راعى يراعي، من المراعاة وهي المراقبة، وقد مضى الكلام على هذا في سورة البقرة بأشبع ما يكون (٣).
وقوله: ﴿لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ﴾ يحتمل أن يكون مصدر فعل محذوف دل عليه مصدره، أي: يلوون ألسنتهم لَيًّا، وهو وضعهم ﴿وَرَاعِنَا﴾ موضع ارْقُبْنَا، و ﴿غَيْرَ مُسْمَعٍ﴾ موضع لا أُسْمِعْتَ مكروهًا على ما فسر (٤)، وأن يكون مفعولًا من أجله، أي: يفعلون ذلك من أجل اللَّيّ، وأصله لَوْيًا، لأنه من لويت،
(٢) الكشاف ١/ ٢٧١ - ٢٧٢.
(٣) عند إعراب قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا...﴾ الآية (١٠٤).
(٤) انظر الكشاف ١/ ٢٧٢.