والحرج: الضيق، أي: لا تضيق صدورهم من حكمك، وإليه يرجع قول من قال: إنه الشك؛ لأنَّ الشاك في ضيق من أمره حتى يظهر له اليقين.
وقوله: ﴿مِمَّا قَضَيْتَ﴾ يحتمل أن يكون متعلقًا بقوله: ﴿حَرَجًا﴾؛ لأنك تقول: حَرِجْتُ من كذا، وضأق صدري من كذا. وأن يكون متعلقًا بمحذوف على أنَّ تجعله صفة لحرج. ولك أن تجعله متعلقًا بقوله: ﴿لَا يَجِدُوا﴾.
و(ما) تحتمل أن تكون موصولة وما بعدها صلتها، وأن تكون موصوفة وما بعدها صفتها والعائد محذوف، وأن تكون مصدرية.
وقوله: ﴿وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ عطف أيضًا على قوله:
﴿حَتَّى يُحَكِّمُوكَ﴾. و ﴿وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ تأكيد للفعل بمنزلة تكريره، كأنه قيل: وينقادوا لحكمه انقيادًا لا شبهة فيه بظاهرهم وباطنهم.
﴿وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (٦٦)﴾:
قول عزَّ وجلَّ: ﴿أَنِ اقْتُلُوا﴾ (أن) في موضع نصب بقوله ﴿كَتَبْنَا﴾، وقيل: (أن) هنا هي المفسرة (١).
قوله: ﴿مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ﴾ قرئ: بالرفع على البدل من الواو في فعلوا، كقولك: ما جاءني أحد إلَّا زيد، وبالنصب (٢) على أصل الاستثناء. وقد جوز أن يكون (قليلًا) صفة لمحذوف، أي: إلّا فعلًا قليلًا (٣). و ﴿مِنْهُمْ﴾ صفة لقوله: (قليلًا).
(٢) قرأ جمهور العشرة بالرفع غير ابن عامر فقد قرأ: (إلَّا قليلًا) بالنصب. انظر السبعة / ٢٣٥/، والحجة ٣/ ١٦٨، والمبسوط / ١٨٠/، والتذكرة ٢/ ٣٠٧.
(٣) أجازه الزمخشري ١/ ٢٧٩، وضعفه أبو حيان ١/ ٢٨٥، وذكر القرطبي ٥/ ٢٧٠ فيه قولًا آخر وهو: انتصابه بفعل مضمر تقديره: إلَّا أن يكون قليلًا منهم.