بعدما ذَكَرَ الصوارف عن الخمر والميسر، على معنى: انتهوا (١)، بشهادة قول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعدما طَرَقَ أذنيه: "انتهينا يا رب انتهينا" (٢).
﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٢١) أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (٢٢)﴾:
قوله عز وجل: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ﴾ نهاية صلة ﴿الَّذِينَ﴾ ﴿مِنَ النَّاسِ﴾.
﴿فَبَشِّرْهُمْ﴾: خبر ﴿إِنَّ﴾، ودخلت الفاء في خبرها لتضمن اسمها معنى الجزاء لكونه موصولًا بالفعل مع إنَّ، ولا تُغَيِّرُ معنى الابتداء، فوجودها وعدمها سيان، كأنه قيل: الذين يكفرون فبشرهم، بمعنى: من يكفر فبشرهم، ولو كان مكانها ليت أو لعلّ لم تدخل الفاء بالإجماع، لتغير معنى الابتداء، أي: فأخبرهم بعذاب مؤلمٍ يصل ألمه إلى قلوبهم (٣).
وقرئ: (ويَقْتُلُونَ الذين) و (يُقاتِلون الذين) (٤). وقد ذكرتُ وجهَ ذلك في الكتاب الموسوم بالدرة الفريدة في شرح القصيدة بأشبع ما يكون (٥).
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ
(٢) أخرجه الإمام أحمد ١/ ٥٣، وأبو داود في الأشربة، باب في تحريم الخمر (٣٦٧٠)،
والنسائي في الأشربة، باب تحريم الخمر ٨/ ٢٨٦ - ٢٨٧، والترمذي في التفسير (٣٠٥٣)، والطبري ٧/ ٣٣.
(٣) في (أ): فأخبرهم بعذاب أليم يصل إلى قلوبهم. وفي (ط) بدل (يصل): لم يصل.
(٤) قراءة (يقاتلون) بالألف هي لحمزة وحده. انظر السبعة / ٢٠٣/، والحجة ٣/ ٢٣، والمبسوط/ ١٦٢/، والتذكرة ٢/ ٢٨٥.
(٥) انظر وجه ذلك في الحجة ٣/ ٢٤ - ٢٥.