وقوله: ﴿وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾ ﴿مَا﴾: مصدرية في محل الرفع لكونه فاعل غَرَّ، أي: وغرهم افتراؤهم. قيل: وافتراؤهم هو قولهم: ﴿لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ﴾ (١) وقيل: بل قولهم: [إن آباءهم الأنبياء يشفعون لهم (٢). وقيل: بل قولهم: ] (٣) ﴿نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ﴾ (٤).
والافتراء: اختلاق الكذب، وأصله: من فَرَى الأديمَ يفرِي فريًا، إذا قطعه وشقه.
﴿فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (٢٥)﴾:
قوله عز وجل: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ﴾ (كيف): ظرف وعامله محذوف، أي: كيف يصنعون؟ أو كيف يكون حالهم (٥)؟ وهو استعظام لما أُعِدَّ لهم وتهويل لهم، وأنهم يقعون في خطب عظيم.
و﴿إِذَا﴾: ظرف أيضًا لهذا المحذوف المذكور آنفًا.
﴿لِيَوْمٍ﴾ أي: لجزاء يوم، أو لحساب يوم، فحذف المضاف.
﴿لَا رَيْبَ فِيهِ﴾: في موضع جرٍّ صفة ليوم، أي: في وقوعه، أو في جزائه، وقيل: في الجمع فيه.
﴿مَا كَسَبَتْ﴾ ﴿مَا﴾ في موضع نصب مفعول ثان لقوله: ﴿وَوُفِّيَتْ﴾، أي: جزاء ما عملت من خير أو شر.
(٢) قاله الزمخشري ١/ ١٨٢. ويؤيده ما حكاه ابن عطية ٣/ ٤٧ عن الطبري أنهم قالوا: إن الله وعد أباهم يعقوب أن لا يُدخل أحدًا من ولده النار إلا تحلة القسم.
(٣) ما بين المعكوفتين ساقط من (أ) و (د) و (ط).
(٤) سورة المائدة، الآية: ١٨، والقول لقتادة، ومقاتل، انظر جامع البيان ٣/ ٢١٩، والنكت والعيون ١/ ٣٨٣، وزاد المسير ١/ ٣٦٨.
(٥) ويجوز أن تكون في محل نصب على الحال. انظر التبيان ١/ ٢٥٠، والدر المصون ٣/ ٩٧.