تنصبها على المصدر، على تضمين ﴿تَتَّقُوا﴾ معنى تحذروا وتخافوا، فيتعدَّى بمن، والمعنى: إلَّا أن تخافوهم خوفًا.
ووزن ﴿تُقَاةً﴾ فُعَلَةٌ، وأصلها: وُقَيَةٌ، فأبدلت الواو تاءً لانضمامها ضمًا لازمًا، كما فعل بتُجاهٍ وتُكأَةٍ (١) لما ذكرت آنفًا، فصارت تُقَيَةٌ، فقلبت الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها، فرجعت تُقاة كما ترى (٢). وقد جُوّز أن تكون جمع تقي، ككماة في جمع كمي، فيكون حالًا من الفاعل في ﴿أَنْ تَتَّقُوا﴾ والمعنى: إلا أن تحذروهم متقين، فاعرفه فإنه موضع مشكل (٣).
وقرئ: (تَقِيَّةً) (٤)، وهي فعيلة من وَقَى، والتاء بدل من الواو أيضًا، والتقية: الإظهار باللسان خلاف ما ينطوي عليه القلب للخوف على النفس (٥).
﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ﴾: الجملة مستأنفة، والتقدير: عَذَابَ نفسِه، وبَطْشَ نفسِه، فحُذف المضافُ. والنفسُ: الذاتُ، والمعنى: فلا تتعرضوا لسخطه بموالاة أعدائه.
وكذا: ﴿وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ﴾ جملة مستأنفة أيضًا.
﴿يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (٣٠)﴾:
قوله عز وجل: ﴿يَوْمَ تَجِدُ﴾ (يوم): يحتمل أن يكون مفعولًا به، أي:
(٢) انظر في وزن وأصل (تقاة) مشكل مكي ١/ ١٣٤ أيضًا.
(٣) كون (تقاة) حالًا: اقتصر عليه العكبري ١/ ٢٥٢.
(٤) هذه قراءة يعقوب والمفضل كما في المبسوط/ ١٦٢/، والتذكرة ٢/ ٢٨٥. كما نسبها ابن عطية ٣/ ٥٤ إلى آخرين من الصحابة والتابعين.
(٥) العبارة في (د) من قوله: (وقد جُوّز.. ) إلى هنا فيها تقديم وتأخير.