(ما) موصولة، أو من (ما) إن جعلتها مصدرية، والعامل على الوجه الأول: ﴿عَمِلَتْ﴾. وعلى الثاني: ﴿تَجِدُ﴾.
والجمهور على فتح ضاد قوله: ﴿مُحْضَرًا﴾ لكونه مفعولًا، وقرئ: (محضِرًا) بكسر الضاد (١) على أنه اسم فاعل على معنى: أن عمله يُحْضره دارَ الخلد، أو يُسرع به. يقال: أَحْضرَ الفرسُ، إِذَا أسرع في العَدْو، وإما من الحضور وهو نقيض الغَيبة، وإما من الحُضْرِ وهو العَدْوُ، فاعرفه (٢).
قوله تعالى: ﴿وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ﴾ يجوز لك فيها ثلاثة أوجه:
أحدها: أن تجعلها موصولة في موضع نصب عطفًا على (ما) الأولى، فيكون ﴿تَوَدُّ﴾ حالًا إما من المستكن في ﴿تَجِدُ﴾ المحذوف، وإما من المستكن في ﴿عَمِلَتْ﴾، فتكون على هذا حالًا مُقَدَّرة، أي: وتجد الذي عملتْه أو عَمَلها محضرًا وَادَّةً تباعد ما بينها وبين ذلك اليوم، أو عمل السوء.
والثاني: أن تجعلها مستأنفة في موضع رفع بالابتداء، و ﴿تَوَدُّ﴾ خبره، أي: والذي عملته من سوء تود هي لو تباعد ما بينها وبينه.
والثالث: أن تجعلها شرطية في موضع رفع بالابتداء أيضًا والخبر ﴿عَمِلَتْ﴾ أو ﴿تَوَدُّ﴾، على الخلاف المذكور في غير موضع (٣).
فإن قلتَ: لو كانت شرطية كما زعمت لكان ﴿تَوَدُّ﴾ مفتوحًا أو مكسورًا على الجواب، وارتفاعه يدل على بطلان ما ذكرتَ. قلتُ: أجلْ، الأمرُ كما زعمتَ لو كان الشرط مضارِعًا، والشرط هنا ماض كما ترى، وإذا كان الشرط ماضيًا والجواب مضارعًا، كقولك: إن أتيتني أكرمك، جاز لك فيه الرفع والجزم، أما الرفع فلأجل أن الجزاء تابع للشرط، فلما لم يظهر الجزم

(١) هي قراءة عبيد بن عمير كما في البحر المحيط ٢/ ٤٢٧.
(٢) انظر الصحاح (حضر).
(٣) انظر إعرابه للآية (٣٨) من البقرة.


الصفحة التالية
Icon