وقرئ: بإسكانها تخفيفًا (١). أبو الفتح: هذه اللغة تميمية، يقولون في رسُل: رسْل، وفي كتُب: كتْب (٢).
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٢)﴾:
قوله عز وجل: ﴿لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ﴾ الشعائر: جمع شَعيرة، قيل: هي اسمُ ما أُشعر، أي: جُعل شِعارًا وعَلَمًا للنسك: من مواقف الحج، ومرامي الجمار، والمطاف، والمسعى، والأفعال التي هي علامات الحاج، يُعرفون بها من الإِحرام والطواف والسعي والحلق والنحر (٣).
﴿لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ﴾: أي: ولا تستحلوا الشهر الحرام بالقتال فيه. قيل: هو الأشهر الحرم، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - وغيره (٤)، وقيل: هو رجب (٥).

(١) نسبت إلى الحسن، وإبراهيم النخعي، ويحيى بن وثاب. انظر المحتسب ١/ ٢٠٥، والمحرر الوجيز ٥/ ١٠.
(٢) المحتسب الموضع السابق.
(٣) هذا قول الزمخشري ١/ ٣٢٠ - ٣٢١، وفي معنى (شعائر الله) خمسة أقوال كما في النكت والعيون ٢/ ٦. وسبعة أقوال كما في زاد المسير ٢/ ٢٧٢.
(٤) نسبه الماوردي ٢/ ٧ إلى قتادة، ونسبه ابن الجوزي ٢/ ٢٧٣ إلى مقاتل.
(٥) قاله الطبري ٦/ ٥٥. واقتصر عليه النحاس في معانيه ٢/ ٢٥١. وأخرج الطبري عن عكرمة أنه ذو القعدة. قال ابن عطية ٥/ ١١: والشهر الحرام اسم مفرد يدل على الجنس في جميع الأشهر الحرم، وهي كما قال النبي - ﷺ - ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان، وإنما أضيف إلى مضر لأنها كانت تختص بتحريمه، وتزيل فيه السلاح، وتنزع الأسنة من الرماح، وتسميه مُنْصِلُ الأَسِنَّة، وتسميه الأَصَمَّ من حيث كان لا يُسمع فيه صوت سلاح، وكانت العرب مجمعة على ذي القعدة، وذي الحجة، والمحرم.. ثم قال: والأظهر عندي أن الشهر الحرام أريد به رجب ليشتد أمره، لأنه إنما كان مختصًا يقريش ثم فشا في مضر.


الصفحة التالية
Icon