والاضطراب كالضَرَبان والخَفَقان، وأما التسكين: فشاذ في اللفظ؛ لأنه لم يجيء شيء من المصادر عليه، انتهى كلامه (١).
والثاني: أنه صفة، ككسْلان وغضْبان. فتقديره على الأول: لا يحملنكم بُغضُ قوم. وعلى الثاني: لا يحملنكم رَجُلٌ بَغِيضُ قومٍ، ثم حذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامه، والمصدر مضاف إلى المفعول، كقوله: ﴿لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ﴾ (٢) أي: لا يحملنكم بغضكم لقوم على كذا، أو بغض قوم إياكم، فيكون مضافًا إلى الفاعل.
وقرئ (إنْ صَدُّوكم) بكسر الهمزة (٣)، على أَنَّ (إِنْ) هي الشرطية، وجوابها محذوف، والمعنى: إنْ يقع صَدٌّ مِثلُ ذلك الصد فلا يحملنكم على الاعتداء، تعضده قراءة من قرأ: (إنْ يَصُدوكم)، وهو عبد الله - رضي الله عنه - (٤).
وقرئ: بفتحها (٥)، على أنها المصدرية، أي: لأن صدوكم، فموضعها نصب على أنه مفعول من أجله، والصد على هذا قد تقدم من المشركين، وهو صد الحديبية على ما فسر (٦).
{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ

(١) الصحاح (شنأ).
(٢) سورة فصلت، الآية: ٤٩.
(٣) قراءة ابن كثير، وأبي عمرو من العشرة كما سوف أخرج.
(٤) انظر قراءته في جامع البيان ٦/ ٦٥، والمحتسب ١/ ٢٠٦، والكشاف ١/ ٣٢١، والمحرر الوجيز ٥/ ١٩، ونسبها النحاس في إعرابه ١/ ٤٨٠ إلى الأعمش وهو ممن وصلت إليه قراءة ابن مسعود رضي الله عنه كما ذكرتُ سابقًا.
(٥) قراءة العشرة عدا ابن كثير وأبا عمرو كما تقدم، وانظر القراءتين في السبعة/ ٢٤٢/، والحجة ٣/ ٢١٢، والمبسوط/ ١٨٤/، والنشر ٢/ ٢٥٤.
(٦) انظر جامع البيان ٦/ ٦٥ - ٦٦.


الصفحة التالية
Icon