﴿يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٦)﴾:
قوله عز وجل: ﴿إِلَى الْمَرَافِقِ﴾ (إلى) تحتمل أن تكون متعلقة بقوله: ﴿فَاغْسِلُوا﴾، وأن تكون متعلقة بمحذوف على أن تجعلها في محل النصب على الحال، أي: فاغسلوا وجوهكم وأيديكم مضافة إلى المرافق، وهي تفيد معنى الغاية مطلقًا، فأما دخولها في الحكم وخروجها فأمر يدور مع الدليل، وأجمع الجمهور على غسل المرافق ودخولها فيه.
وقوله: ﴿بِرُءُوسِكُمْ﴾ الباء للإِلصاق، والمراد إلصاق المسح بالرأس، وماسح بعضه أو كله مُلصِق للمسح برأسه، والواجب منه ما يقع عليه اسم المسح، بدليل ما روي "أن رسول الله - ﷺ - مسح على ناصيته" (١)، والناصية عند العرب مُقَدَّمُ شعر الرأس، فماسح أدنى جزء من مقدم رأسه ماسحٌ على ناصيته موافق لفعل رسول الله - ﷺ -، والحديث حجة له على من خالفه في ذلك (٢) وَقَدَّرَ الناصيةَ بربع الرأس مستدِلًّا بالحديث المذكور آنفًا، وهو عليه؛ لما ذكرتُ من أن الناصية عند العرب مقدم شعر الرأس من غير تقييد ولا تقدير، ولو حلف حالف ألّا يضرب على ناصية فلان فضرب على أدنى جزء من مقدم رأسه لكان حانثًا بالإِجماع، وذلك حجة. والمسح إمرار اليد على الشيء.
وقوله: ﴿وَأَرْجُلَكُمْ﴾ قرئ: بالنصب عطفًا على الوجوه والأيدي، وبالجر (٣) عطفًا على الممسوح حملًا على المعنى كقوله:
(٢) جاءت هذه العبارة في (أ) و (د) هكذا: "والحديث حجة له وحجة على من خالفه في ذلك". والمعنى واحد.
(٣) القراءتان من المتواتر، فقد قرأ بالنصب: نافع، وابن عامر، والكسائي، وحفص عن عاصم، ويعقوب. وقرأ بالجر: أبو جعفر، وأبو عمرو، وابن كثير، وحمزة، وخلف، وأبو بكر عن عاصم. انظر السبعة ٢٤٢ - ٢٤٣، والحجة ٣/ ٢١٤، والمبسوط / ١٨٤/، والتذكرة ٢/ ٣١٥.