على تأويل الحبلة أو النسمة، فهو ظاهر، كأنه قيل: إنِّي وضعت الحبلة أو النسمة أنثى (١)، فاعرفه، ولك أن تجعلها بدلًا منه.
قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ﴾، قرئ: بفتح العين وإسكان التاء على أنه من قول الله تعالى تعظيمًا لموضوعها وتجهيلًا لها بقدر ما وهب لها منه (٢)، على معنى: أنّ تحت ذلك أمر (٣) هو بالغه، ولا يعلمه إلا الله، فهو معترض بين كلامَي امرأة عمران.
وقرئ: بإسكان العين وضم التاء (٤)، على أنه من كلام امرأة عمران، على معنى: ولعل لله فيه سرًّا وحكمة، ولعلّ هذه الأنثى خير من الذكر تَسليةً لنفسها، وعلى هاتين القراءتين الجمهور (٥).
وقرئ أيضًا: (والله أعلم بما وَضعْتِ) بإسكان العين وكسر التاء (٦)، على خطاب الله تعالى لها بذلك، على معنى: إنكِ لا تعلمين قدر هذا الموهوب، وما يكون منه في عظم شأنه وعلو قدره.
قوله تعالى: ﴿وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ﴾ عطف على ﴿إِنِّي وَضَعْتُهَا﴾ وما بينهما فاصل، وسَمَّيتُ: فعل يتعدى إلى المفعول الثاني بنفسه وبالجار، تقول: سميت ولدي زيدًا وبزيد.
﴿وَذُرِّيَّتَهَا﴾: عطف على الضمير المنصوب في ﴿أُعِيذُهَا﴾.

(١) الكلام للزمخشري ١/ ١٨٦.
(٢) العبارة للزمخشري في الموضع السابق، وانظر مفاتيح الغيب ٨/ ٢٤.
(٣) كذا في الأصل (أمر) بالرفع؟ ! والموضع نصب والله أعلم.
(٤) يعني (وضعْتُ).
(٥) قرأ ابن عامر، وعاصم برواية أبي بكر، ويعقوب: (بما وضَعْتُ) بسكون العين وضم التاء. وقرأ الباقون: (بما وضعَتْ) بفتح العين وسكون التاء. انظر السبعة/ ٢٠٤/، والحجة ٣/ ٣١ - ٣٢، والمبسوط / ١٦٢/، والتذكرة ٢/ ٢٨٥.
(٦) هي قراءة ابن عباس رضي الله عنهما كما في إعراب النحاس ١/ ٣٢٥، والمحرر الوجيز ٣/ ٦٥.


الصفحة التالية
Icon