فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٣)}
قوله عز وجل: ﴿قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ﴾ (من الذين) في موضع الرفع على النعت لـ ﴿رَجُلَانِ﴾. ومفعول ﴿يَخَافُونَ﴾ محذوف، أي: يخافون الله ويخشونه، كأنه قيل: قال رجلان من المتقين. و ﴿يَخَافُونَ﴾ صلة ﴿الَّذِينَ﴾، والراجع إلى الموصول الواو، وقد جُوز أن يكون الواو في ﴿يَخَافُونَ﴾: لبني إسرائيل، والراجع إلى الموصول محذوف تقديره من الذين يخافهم بنو إسرائيل، وهم الجبارون، وهما رجلان منهم (١)، يعضد هذا الوجه قراءة من قرأ: (يُخافون) بضم الياء على البناء للمفعول، وهما مجاهد، وسعيد بن جبير رحمهما الله (٢)، كأنه قيل: رجلان من المَخُوفين. وقيل: هو من الإِخافة، ومعناه: من الذين يُخَوَّفُون بالتذكرة والموعظة، وصفهم الله سبحانه بالخوف منه إذا وعظوا، أو يخوفهم وعيد الله بالعقاب، هذه الأوجه على قراءة من ضم الياء في (يُخافون) (٣).
وقوله: ﴿أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا﴾ محلها الرفع على أنها صفة أخرى لـ ﴿رَجُلَانِ﴾، أو النصب على الحال من ﴿رَجُلَانِ﴾ في، أو من المستكن في ﴿مِنَ الَّذِينَ﴾ وقد معها مرادة (٤).
﴿قَالُوا يَامُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (٢٤)﴾:
قوله عز وجل: ﴿أَبَدًا مَا دَامُوا﴾ (أبدًا) ظرف للدخول، و ﴿مَا دَامُوا﴾

(١) انظر الكشاف ١/ ٣٣١.
(٢) انظر هذه القراءة الشاذة في معاني النحاس ٢/ ٢٨٩، والمحتسب ١/ ٢٠٨، والمحرر الوجيز ٥/ ٧٠ حيث أضافها ابن عطية إلى ابن عباس رضي الله عنهما أيضًا.
(٣) انظر هذه الأوجه مجتمعة كما ساقها في الكشاف ١/ ٣٣١.
(٤) ذكر مكي ١/ ٢٢٤ أنها حال من (يخافون)، وقدمه على وجه الصفة. وذكر الزمخشري ١/ ٣٣١ وجهًا آخر لهذه الجملة، وهو أن تكون معترضة، وهذا بيّن.


الصفحة التالية
Icon