وقيل: المعنى: بإثم قتلك إياي، وإثم ذنبك الذي لم يُتقبل قُربانُك من أجله، عن مجاهد (١).
وقيل: بإثم قتلي لك لو قتلتك، وإثم قتلك لي (٢).
وفي الكلام على الأوجه حذف مضاف، أي: بمثل إثمي، كما تقول: ضربته ضرب الأمير اللص، وقرأت قراءة فلان، ونحو هذا كثير شائع في كلام القوم نَثرِهم ونَظمِهم.
﴿فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٣٠)﴾:
قوله عز وجل: ﴿فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ﴾ أي: رَخَّصَتْ وسَهَّلَتْ، عن أبي الحسن (٣). وطَوَّعت فَعَّلت من الطَّوع، وهو الإجابة إلى الشيء (٤).
وقرئ: (فطاوعت) بألف بعد الطاء مع تخفيف الواو (٥)، وقيل: فيه وجهان:
أحدهما: أن يكون مما جاء من فاعل بمعنى فَعَّلَ.
والثاني: أن يراد أن قتل أخيه كأنه دَعَا نفسَه إلى الإِقدام عليه، فطاوعته ولم تمتنع. واللام في ﴿لَهُ﴾ لزيادة الربط، كقولك: حفظت لزيد ماله (٦).
(٢) قاله الزمخشري ١/ ٣٣٣، وابن عطية ٥/ ٧٩.
(٣) هكذا في الصحاح (طوع) عن أبي الحسن الأخفش، والذي في معانيه ١/ ٢٧٩: (رخصت) فقط. وأخرج الطبري ٦/ ١٩٥ عن مجاهد: أن (طوعت) بمعنى: شجعت. وعن قتادة: زينت. وذكر الماوردي ٢/ ٣٠ معنى ثالثًا هو: ساعدت. وقال الزمخشري ١/ ٣٣٤: وسعت ويسرت. قلت: كلها معان متقاربة، والله أعلم.
(٤) كذا في معاني النحاس ٢/ ٢٩٧ عن أبي العباس المبرد.
(٥) نسبها أبو الفتح في المحتسب ١/ ٢٠٩ إلى الحسن بن عمران، وأبي واقد، والجراح، والحسن البصري. وكذا هي في المحرر الوجيز ٥/ ٨٠.
(٦) الوجهان للزمخشري ١/ ٣٣٤.