وقوله: ﴿وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ﴾ (عذاب) مبتدأ، والخبر (لهم)، و ﴿فِي الْآخِرَةِ﴾ صفة مقدمة، فيكون حالًا، ويجوز أن يكون ظرفًا للخبر.
﴿إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٤)﴾:
قوله عز وجل: ﴿إِلَّا الَّذِينَ﴾ محل ﴿الَّذِينَ﴾ إما النصب على الاستثناء من المعاقبين عِقَابَ قَطْع الطريقِ خاصة، وأما حكم القتل، والجراح، وأخذ المال، فإلى الأَولياء، إنْ شاؤُوا عفَوا، وإن شاؤُوا استوفَوا، وهو مذهب الإمام الشافعي - رضي الله عنه -، قال: يسقط عنهم بتوبتهم قبل القدرة عليهم حَدُّ اللَّهِ خاصةً، ولا يسقط عنهم حقوق بني آدم ما كان قصاصًا، أو مظلمة في مال (١).
أو الرفع على الابتداء، والخبر ﴿فَاعْلَمُوا﴾، والراجع إليه من الخبر محذوف تقديره: فاعلموا أن الله غفور لهم أو رحيم بهم، وإنما حذف للعلم (به) (٢).
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٣٥)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ﴾ (إلى) يحتمل أن يكون متعلقًا بقوله: ﴿وَابْتَغُوا﴾، وأن يكون متعلقًا بالوسيلة، لأنها بمعنى المتوسَّل (٣)، والوسيلة: ما يتوسل به إلى الغير، أي: يتقرب من قرابة، أو صنيعة، أو

(١) انظر قول الإمام الشافعي رحمه الله في النكت والعيون ٢/ ٣٤. وأحكام القرآن لابن عربي ٢/ ١٠١، وجامع القرطبي ٦/ ١٥٨. وقد سقط قول الإمام الشافعي من (د).
(٢) انظر هذا الوجه في معاني الزجاج ٢/ ١٧٠ وقدمه على الأول، وإعراب النحاس ١/ ٤٩٥ وذكره ثانيًا.
(٣) قال أبو البقاء ١/ ٤٣٥: لأن الوسيلة بمعنى المتوسل به، فيعمل فيما قبله. يعني أنها ليست مصدرًا فيمتنع أن يتقدم معمولها عليها. وانظر السمين ٤/ ٢٥٢.


الصفحة التالية
Icon