وأما (العينَ) وما بعدها من المعطوفات فقرئت بالنصب عطفًا على النفس، وبالرفع (١) عطفًا على موضع ﴿أَنَّ﴾ حملًا على المعنى؛ لأن المعنى: وكتبنا عليهم النفسُ بالنفس، وفيه وجهان:
أحدهما: أن يُجْرَى ﴿كَتَبْنَا﴾ مُجْرَى قلنا.
والثاني: أن معنى الجملة التي هي قولك: النفسُ بالنفس مما تقع عليه الكتابة، كما تقع عليه القراءة، تقول: كتبتُ الحمدُ لله، وقرأتُ الحمدُ لله، أو على المستكن في ﴿بِالنَّفْسِ﴾، أو على الاستئناف، فيكون عَطْفُ جُمْلَةٍ على جُمْلَةٍ (٢).
وتقدير النفس قد ذَكرتُ آنفًا، كذلك العين مفقوءة بالعين، والأنف مقطوع بالأنف، والسن مقلوعة بالسن (٣).
﴿وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ﴾ أي: ذاتُ قِصاصٍ، ومَن خَصَّ الجروح بالرفع (٤)، فعلى القطع مما قبلها والاستئناف.
وقوله: ﴿فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ﴾ الضمير في ﴿بِهِ﴾ للقصاص، وفي ﴿فَهُوَ﴾ للتصدق، وفي ﴿لَهُ﴾ للمتصدق، أي: فمن تصدق من أصحاب الحق بالقصاص، والتَصَدُّقُ به كفارةٌ للمتصدقِ.
﴿وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (٤٦)﴾

(١) القراءتان من المتواتر، وجمهور العشرة بالفتح، إلا الكسائي قرأ: بالرفع، انظر السبعة ٢٤٤/، والحجة ٣/ ٢٢٣، والمبسوط / ١٨٥/، والتذكرة ٢/ ٣١٥.
(٢) في (أ) و (د): فيكون عطف (جمل) على جملة. وانظر تخريج قراءة الرفع في معاني الزجاج ٢/ ١٧٨ - ١٧٩، والحجة الموضع السابق. ومشكل مكي ١/ ٢٣٠.
(٣) يظهر أنه أسقط تقدير (الأذن) سهوًا، وقدرها الزمخشري ١/ ١٤٣: والأذن مصلومة بالأذن.
(٤) هو أبو جعفر، وأبو عمرو، والابنان. انظر مواضع تخريج القراءة السابقة.


الصفحة التالية
Icon