سكون، لتنبَّه عليه كل أحد بخلاف سائر الكتب المنزلة، ولاشْمَأَزُّوا رادّين ومنكرين.
والمراد بالمهيمِن هنا: الكتاب في قول الجمهور، وقيل: المراد به النبي - ﷺ - (١). وهو الرقيب، أعني المهيمن.
وقوله: ﴿وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ﴾، محل ﴿عَمَّا جَاءَكَ﴾ النصب على الحال من المستكن في ﴿وَلَا تَتَّبِعْ﴾، أي: ولا تتبع أهواءهم منحرِفًا، أو مائلًا، أو عادلًا عن الذي جاءك، ولا يجوز أن يكون متعلقًا بقوله: ﴿وَلَا تَتَّبِعْ﴾ كما زعم بعضهم؛ لأن الأتباع لا يُعدى بـ (عن) إلا إن تضمنه معنى الانحراف، أي: ولا تنحرف أيضًا عن ما جاءك من الحق متبعًا أهواءهم، قاله الزمخشري (٢)، وهو من التعسف، قال: والوجه هو السابق.
و﴿مِنَ الْحَقِّ﴾: في موضع نصب أيضًا على الحال من المستكن في ﴿جَاءَكَ﴾.
وقوله: ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾. اللام متعلقة بقوله: ﴿جَعَلْنَا﴾، و ﴿مِنْكُمْ﴾ في موضع الصفة لكل، وليس قول من منع ذلك (٣) - وقال: لا يجوز أن يكون ﴿مِنْكُمْ﴾ صفة لكل؛ لأن ذلك يوجب الفصل بين الصفة والموصوف بالأجنبي الذي لا تسديد فيه للكلام، ويوجب أيضًا أن يفصل بين ﴿جَعَلْنَا﴾ وبين معمولها وهو ﴿شِرْعَةً﴾، وإنما يتعلق بمحذوف تقديره أعني - بمستقيم؛ لأن قوله: ﴿لِكُلٍّ﴾ وإن كان مُقَدمًا في اللفظ، فهو مؤخر في الحكم والتقدير؛ لأن من شرط المعمول أن يكون بعد العامل، إما لفظًا، وإما حُكْمًا، وأيضًا فإن ما قدره فاصل بين ﴿جَعَلْنَا﴾ وبين معمولها، فاعرفه.
(٢) الكشاف ١/ ٣٤٢. وسقط قول الزمخشري من (د).
(٣) هو العكبري ١/ ٤٤١.