والحكم، أو الجر عطفًا على قوله: ﴿بِالْحَقِّ﴾ على إرادة الجار، أو النصب لعدمه، كأنه قيل: أنزلناه بالحق وبأنِ احكم، أي: وبالحكم، أو الرفع، أي: ومن الواجب أن احكم بينهم بما أنزل الله.
ولا يجوز أن تكون (أن) المفسرة بمعنى أي كما زعم بعضهم، لأجل العاطف قبلها مع عدم القول قبلها، أو ما هو في معنى القول، فاعرفه (١).
وقوله: ﴿أَنْ يَفْتِنُوكَ﴾، بدل الهاء والميم في ﴿وَاحْذَرْهُمْ﴾ وهو بدل الاشتمال، كأنه قيل: واحذرهم فتنتَهم، ولك أن تجعله مفعولًا له، أي: مخافة أن يفتنوك، أو من أن يفتنوك، ثم حذف الجار، فهذه ثلاثة أوجه، فاعرفها.
و﴿عنْ﴾ متعلقة بـ ﴿يَفْتِنُوكَ﴾، أي: أن يضلوك عنه.
﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (٥٠) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٥١)﴾:
قوله عز وجل: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ﴾ الحُكْم: مصدر حَكَم بينهم يَحْكُم حُكْمًا، إذا قضى، وعليه الجمهور، والناصب له ﴿يَبْغُونَ﴾.
والحَكَم بفتح الحاء والكاف: الحاكم، وبه قرأ بعض القراء (٢)، وفي الكلام حذف مضاف، أي: أَفَحُكْمَ حَكَمِ الجاهلية يبغون؟ ثم حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، وهو منصوب أيضًا بـ ﴿يَبْغُونَ﴾.
وقرئ أيضًا: (أفحُكْمُ الجاهلية يبغون) برفع الميم مع ضم الحاء
(٢) يعني قراءة (أَفَحَكَمَ) بفتح الحاء والكاف والميم، وهي قراءة شاذة، نسبها النحاس في معانيه ٢/ ٣٢٠ إلى الحسن، وقتادة، والأعرج، والأعمش. وانظر المحتسب ١/ ٢١١، والمحرر الوجيز ٥/ ١٢٥ فقد نسباها إلى سليمان بن مهران الأعمش فقط.