والعاقر: التي لا تحبل، ويقال أيضًا: رجل عاقر، للذي لا يُولَد له، بيِّنُ العُقرِ بالضم.
وإنما قال: ﴿وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ﴾ بلا هاء على النسب، أي: ذاتُ عُقْرٍ، وقد عَقُرتِ المرأةُ تعقُر بالضم فيهما عُقْرًا، صارت عاقرًا، وإذا لم ترد النسب قلت: عقيرة، بمعنى معقورة، كأن بها عَقْرًا يمنعها من الولد (١).
وقال هنا: ﴿وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ﴾. وقال في مريم: ﴿وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا﴾ (٢) والمعنى واحد، لأن ما بلغك فقد بلغته، وقوله: ﴿وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ﴾ كقولهم: أدركتْهُ السنُّ العالية. والمعنى: أَثَّر فيَّ الكِبَرُ وأضعفني.
﴿كَذَلِكَ﴾: الكاف في موضع نصب، أي: يفعل الله ما يشاء من الأفعال العجيبة مِثل ذلك الفعل، وهو خَلْقُ الولدِ من الشيخ الفاني والعجوز العاقر.
وقيل: ﴿كَذَلِكَ اللَّهُ﴾ مبتدأ وخبر، أي: على نحو هذه الصفةِ اللَّهُ (٣). و ﴿يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ﴾ بيان له، أي: يفعل ما يريد من الأفاعيل الخارقة للعادات.
﴿قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (٤١)﴾:
قوله عز وجل: ﴿قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً﴾ (آيةً): مفعول أول، و ﴿لِي﴾ ثانٍ، لأن الجعل هنا بمعنى التصيير، أي: صَيِّرْ لي علامةً أعرف بها الحَبَلَ.

(١) انظر معاني الزجاج ١/ ٤٠٨، وإعراب النحاس ١/ ٣٢٩، ومشكل مكي ١/ ١٣٩.
(٢) الآية (٨).
(٣) الزمخشري في الكشاف ١/ ١٨٨، وتبعه ابن عطية ٣/ ٧٩، وأبو حيان ٢/ ٤٥١ وقدره على حذف مضاف، أي: صنع الله الغريب مثل ذلك الصنع. فالكاف خبر مقدم، والجلالة مبتدأ مؤخر.


الصفحة التالية
Icon