مزيدة للتأكيد، قيل: يوجد بثباتها معنى لا يوجد مع حذفها، وذلك أن دخولها يدل على الدوام؛ لأنه إذا قيل: إذا اتقوا، احتمل أن يكون مرة واحدة، أو واحدًا بعد واحد أو أكثر، غير أن الظاهر أنه واقع على مرة واحدة، فإذا جيء بها فقيل: (إذا ما اتقوا) دل على الاتقاء، أي وقت وقع؟ وفي أي حال؟.
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٩٤)﴾:
قوله عز وجل: ﴿لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ﴾ اللام لام القسم، وحركت الواو لالتقاء الساكنين، وخصت بالفتح طلبًا للخفة، و ﴿مِنَ الصَّيْدِ﴾ في موضع جر لكونه صفة لشيء، وفي ﴿مِنَ﴾ وجهان:
أحدهما: للتبيين كالتي في قوله: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ﴾ (١).
والثاني: للتبعيض؛ لأن المحَرَّم صيدُ البَرِّ خاصة في حال الإِحرام، وفي الحرم. وقد مضى الكلام على الصيد عند قوله: ﴿غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ﴾ (٢).
وقوله: ﴿تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ﴾ صفة لشيء، والهاء تعود على شيء، ولك أن تعيدها على الصيد وتجعل ﴿تَنَالُهُ﴾ في موضع الحال إما من شيء لكون الصفة خصصته فقربته من المعرفة، أو من ﴿الصَّيْدِ﴾ أي: نائلته.
وقوله: ﴿لِيَعْلَمَ اللَّهُ﴾ اللام متعلقة بقوله: ﴿لَيَبْلُوَنَّكُمُ﴾.
وقوله: ﴿مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ﴾ (مَن) موصول، ونهاية صلته ﴿بِالْغَيْبِ﴾، والغيب مصدر بمعنى غائب، وهو في موضع نصب على الحال إما من
(٢) الآية (١) من هذه السورة.