نزل الكتاب بالعمد ووردت السُّنّة بالخطأ (١).
وقوله: (فَجَزاءُ مِثْلِ ما قَتَلَ) (فجزاءُ) مبتدأ، وخبره محذوف، والمصدر مضاف إلى المفعول، أي: فعليه جزاءٌ مِثْلَ ما قتل، بمعنى: فعليه أن يَجزيَ مثل ما قتل، ثم أضيف كما تقول: عجبت مِن ضَرْبٍ زيدًا، ثم مِن ضَرْبِ زيدٍ، تعضده قراءة من قرأ: (فجزاءٌ مثلَ) بالنصب على الأصل وهو أبو عبد الرحمن السلمي (٢).
وقيل: (مثل) على هذه القراءة مزيدة، أي: فعليه جزاء ما قتل، كما تقول: أنا أُكرم مِثْلَكَ، أي: أنا أكرمُكَ؛ لأن الواجب على الجاني جزاء المقتول لا جزاء مثله (٣).
وقرئ: ﴿فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا﴾ بتنوين جزاء مع الرفع، ورفع (مثل) (٤) بمعنى: فعليه جزاء يماثل ما قتل، فـ ﴿مِثْلُ﴾ على هذه القراءة صفة لجزاء.
وقرئ: في غير المشهور: (فجزاءً مثلَ ما) بنصب الجزاء والمِثْلِ (٥). على تقدير: فلْيَجْزِ جزاءً مثلَ ما.
وقوله: ﴿مِنَ النَّعَمِ﴾ يحتمل أن يكون صفة للجزاء، كـ ﴿مِثْلُ﴾ على

(١) أخرجه عن الزهري: الطبري ٧/ ٤٢، والنحاس في معانيه ٢/ ٣٦٠ مختصرًا، والزمخشري ١/ ٣٦٤ واللفظ له، وهو قول مالك، والشافعي، وأبي حنيفة رحمهم الله كما في النكت والعيون ٢/ ٦٧. ومن عند قوله: (قيل والتعمد ما... ) إلى هنا ساقط من (د) و (ط).
(٢) انظر قراءته رحمه الله في المحتسب ١/ ٢١٨، والكشاف ١/ ٣٦٤، والمحرر الوجيز ٥/ ١٩١، وأبو عبد الرحمن السلمي هو: عبد الله بن حبيب بن ربيعة أبو عبد الرحمن السلمي الضرير، مقرئ مكة، ولد في حياة النبي - ﷺ -، وإليه انتهت القراءة تجويدًا وضبطًا، أخذ القراءة عن عدة من الصحابة، وتوفي سنة أربع أو ثلاث وسبعين.
(٣) انظر في هذا أيضًا حجة الفارسي ٣/ ٢٥٦ - ٢٥٧، ومشكل مكي ١/ ٢٤٤ - ٢٤٥.
(٤) هذه القراءة الثانية من المتواتر، وبها قرأ الكوفيون، ويعقوب. انظر السبعة ٢٤٧ - ٢٤٨. والحجة ٣/ ٢٥٤، والمبسوط / ١٨٧/، والتذكرة ٢/ ٣١٨.
(٥) هي قراءة محمد بن مقاتل كما في مختصر الشواذ / ٣٤/، والكشاف ١/ ٣٦٤.


الصفحة التالية
Icon