و ﴿بَالِغَ الْكَعْبَةِ﴾: صفة لهدي، والذي جوز ذلك كون الإِضافة لفظية لا معنوية، كقولك: هذا رجل ضارب زيد غدًا، فلولا تقدير الانفصال لما جاز لك أن تصف به النكرة. [ومعنى بلوغه الكعبة: أن يذبح بالحرم، ويفرّق على مساكين الحرم] (١).
وقوله: ﴿أَوْ كَفَّارَةٌ﴾ عطف على (جزاءٌ) فيمن رفعه، وأما من نصبه، أعني (جزاء)، فيجعلها خبر مبتدأ محذوف، أي: فالواجب عليه كفارة طعام مساكين، أو فعليه كفارة طعام مساكين، فيكون المحذوف الخبر.
و﴿طَعَامُ﴾: بدل من كفارة، أو عطف بيان لها.
وقرئ: (أو كفارةُ طعامِ مساكين) على الإِضافة (٢)، وهذه الإِضافة مبينة للمضاف بمعنى مِنْ أَيْ، أو كفارة من طعام، كقولك: خاتم فضة، أي: من فضة.
وقوله: ﴿أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا﴾ عطف على ﴿كَفَّارَةٌ﴾، و ﴿أَوْ﴾ للتخيير.
والجمهور على فتح العين في قوله: ﴿أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ﴾، وقرئ: (أو عِدل ذلك) بكسرها (٣).
قال الفراء: العَدل بالفتح: ما عادل الشيء من غير جنسه، كالصوم والإِطعام. والعِدل بالكسر: المِثْلُ، تقول: عندي عِدل غلامك، وعِدل شاتك، إذا كان غلامًا يعدل غلامًا، أو شاة تعدل شاة (٤). ومنه عِدْلا

(١) اتفقوا على ذبحه في الحرم، فأما التصدق به: فحيث شئت عند أبي حنيفة، وفي الحرم عند الإمام الشافعي رحمهما الله تعالى. انظر الكشاف ١/ ٣٦٤. وقد سقط هذا المعنى من (د).
(٢) قراءة صحيحة، قرأ بها المدنيان، وابن عامر. انظر السبعة / ٢٤٨/، والحجة ٣/ ٢٥٧، والمبسوط / ١٨٨/.
(٣) نسبت إلى ابن عباس رضي الله عنهما، وطلحة بن مصرف، والجحدري. انظر معاني النحاس ٢/ ٣٦٢، والمحرر الوجيز ٥/ ١٩٥.
(٤) معاني الفراء ١/ ٣٢٠.


الصفحة التالية
Icon