قلت: قيل: معناه وإن تسألوا عن غيرها، فحُذف المضاف وهو غير، وأقيم المضاف إليه مُقامه، وإنما احتيج إلى هذا التقدير؛ لأنه لا يصح أن يقول لهم: ﴿لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾، ثم يقول لهم: ﴿وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ﴾، فإذا قُدِّر حذف المضاف صار كأنه نهاهم أن يسألوا عما لم ينزل به القرآن، وأباح لهم السؤال عما نزل به القرآن (١).
وقوله: ﴿مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ متعلق بـ ﴿سَأَلَهَا﴾، ولا يجوز أن يكون متعلقًا بمحذوف على أن تجعله صفة لـ ﴿قَوْمٌ﴾؛ لأنه ظرف زمان، وظرف الزمان لا يكون صفة للجثة، كما لا يكون حالًا منها ولا خبرًا عنها.
وقوله: ﴿ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا﴾ أي: بمرجوعها أو بسببها كافرين.
﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (١٠٣)﴾:
قوله عز وجل: ﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ﴾ (من) مزيدة للتأكيد، وفي ﴿جَعَلَ﴾ هنا وجهان:
أحدهما: بمعنى سَمَّى، فيتعدى إلى مفعولين: أحدهما ﴿بَحِيرَةٍ﴾، والآخر محذوف، أي: ما سَمَّى الله حيوانًا بحيرة.
والثاني: بمعنى صنع ووضع، فيتعدى إلى مفعول واحد وهو البحيرة، أي: ما صنع ولا وضع بحيرة، وما بعدها إلى قوله: ﴿وَلَا حَامٍ﴾ عطف عليها.
ويجوز في الكلام نصب المعطوفات حملًا على محل ﴿بَحِيرَةٍ﴾.
والبحيرة: فيما ذكر أهل اللغة: الناقة كانت الجاهليةُ إذا نتجت خمسةَ