﴿وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ (٤٦)﴾:
قوله عز وجل: ﴿فِي الْمَهْدِ﴾ في موضع نصب على الحال من المستكن في (يكلم). ﴿وَكَهْلًا﴾ عطف عليه، والتقدير: يبشرك به وجيهًا فيهما ومقربًا من المقربين، ومكلمًا الناس طفلًا وكهلًا، وصالحًا من الصالحين، وجاز عطف الفعل وهو (يكلم) على اسم الفاعل وهو ﴿وَجِيهًا﴾، لما بينهما من المضارعة، كما يُعطَف اسم الفاعل على الفعل لذلك.
ومعنى ويكلم الناس طفلًا، وكهلًا: أي يكلمهم في هاتين الحالَيْنِ كلامَ الأنبياءِ من غير تفاوت بين حال الطفولة وحال الكهولة.
ويحتمل أن يكون ﴿فِي الْمَهْدِ﴾ ظرفًا للتكليم، فيكون ﴿وَكَهْلًا﴾ عطفًا على ﴿وَجِيهًا﴾ والمهد: ما يُمهَّد للصبي من مضجعه، سمي بالمصدر.
﴿قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٤٧)﴾:
قوله عز وجل: ﴿كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ﴾ الكلام في الكاف هنا كالكلام في الكاف في قوله في قصة زكريا - عليه السلام -: ﴿كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ﴾ وقد ذكر (١).
وقد مضى الكلام على ﴿كُنْ فَيَكُونُ﴾ في سورة البقرة (٢).
﴿وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (٤٨﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ﴾ يحتمل أن يكون عطفًا على ﴿وَجِيهًا﴾، فيكون حالًا، وأن يكون عطفًا على ﴿يُبَشِّرُكِ﴾، أو على ﴿يَخْلُقُ﴾، وأن يكون مستأنفًا.
(٢) عند إعراب الآية (١١٧).