قلت: قيل: أُخّر هنا تفخيمًا لشأن الساعة وتعظيمًا لها (١)، كأنه قيل: وأيُّ أَجَلٍ مُسَمًّى عنده؟ فلما كان هذا المعنى منوطًا به، وجب تقديمه وتأخير خبره.
واختلف في الأجلين.
فقيل: الأجل الأول أجل الموت، والأجل الثاني أجل القيامة، على معنى أنه أحكم أجلًا، وأعلمكم أنكم تقيمون إلى الموت، ولم يعلمكم بأجل القيامة (٢).
وقيل: الأجل الأول: ما بين أن يخلق إلى أن يموت. والثاني: ما بين الموت والبعث، وهو البرزخ (٣).
وقيل: الأول قبض الروح في النوم، والثاني قبض الروح عند الموت (٤).
﴿وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ (٣)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ﴾. (وهو الله): ابتداء وخبر، وقوله: ﴿فِي السَّمَاوَاتِ﴾ يحتمل أن يكون خبرًا بعد خبر، على معنى: أنه الله، وأنه في السماوات وفي الأرض، بمعنى أنه عالم بما فيهما، أو المدبر، أو المنفرد بالتدبير فيهما، كما تقول: المأمون الخليفة في المشرق والمغرب، بمعنى المدبر فيهما، ولو قلت: زيد في الدار والبيت، لم يجز إلّا أن يكون في الكلام ما يدل على أنه يدبر أمرهما، وأن يكون متعلقًا بما

(١) قاله الزمخشري ٢/ ٣.
(٢) هذا قول الضحاك. أخرجه الطبري ٧/ ١٤٦. وانظره مع تفسيره في إعراب النحاس ١/ ٥٣٥ - ٥٣٦.
(٣) هذا قول الحسن وقتادة. أخرجه الطبري في الموضع السابق. وحكاه الماوردي ٢/ ٩٣ أيضًا.
(٤) هذا قول ابن عباس رضي الله عنهما كما في الطبري الموضع السابق، وزاد المسير ٣/ ٣.


الصفحة التالية
Icon