وقوله: ﴿فَلَمَسُوهُ﴾ الضمير في لمسوه للقرطاس، واللمْسُ: المَسُّ باليد، وقد لَمَسَهُ يَلْمُسُهُ ويَلْمِسُهُ (١). قيل: وهذا جواب لقولهم: حتى تنزل كتابًا نقرؤه، وإنما لم يقتصر بهم على الرؤية، لئلا يقولوا: ﴿سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا﴾ (٢)، ولا تبقى لهم علة (٣).
وقوله: ﴿لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ جواب لو.
﴿وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ (٨)﴾:
قوله عز وجل: ﴿لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ﴾ (لولا) هنا بمعنى هلّا، ولذلك وليها الفعل. والضمير في ﴿عَلَيْهِ﴾ لرسول الله - ﷺ -.
وقوله: ﴿وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ﴾، أي: لقضي أمر هلاكهم.
ابن عباس - رضي الله عنهما -: لو رأوا المَلَكَ على صورته لماتوا (٤).
أبو إسحاق: ومعنى (قضى) على ضُروبٍ كُلِّها ترجع إلى معنى انقطاع الشيء وتمامه. فمنه: ﴿ثُمَّ قَضَى أَجَلًا﴾ (٥) معناه حَتَمَ بذلك وأتمه، ومنه: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ﴾ (٦) معناه: أمر، إلّا أنه أَمْرٌ قاطع حَتْمٌ، ومنه الإِعلام، وهو قوله: ﴿وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ (٧)، أي: أعلمناهم إعلامًا قاطعًا، ومنه الفصل في الحكم، وهو قوله: ﴿وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ﴾ (٨)، أي: لفصل بينهم، ومنه قوله: قد
(٢) من الآية (١٥) من سورة الحجر.
(٣) القول للزمخشري ٢/ ٤.
(٤) أخرجه الطبري ٧/ ١٥٢.
(٥) تقدم في الآية (٢) من هذه السورة.
(٦) سورة الإسراء، الآية: ٢٣.
(٧) سورة الإسراء، الآية: ٤.
(٨) سورة الشورى، الآية: ١٤.