قوله عز وجل: ﴿أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا﴾ الهمزة للاستفهام الذي معناه الإِنكار. و (غير) منصوب بقوله: ﴿أَتَّخِذُ﴾ على أنه مفعول أول، و ﴿وَلِيًّا﴾ الثاني، وإن شئت بالعكس، والأول أحسن لأجل إدخال همزة الاستفهام على (غير) دون الفعل الذي هو ﴿أَتَّخِذُ﴾.
وقد جوز أن يكون ﴿أَتَّخِذُ﴾ هنا متعديًا إلى مفعول واحد وهو ولي (١)، فـ (غير) على هذا حال من ولي، وكان نعتًا له، فلما قدم عليه انتصب على الحال كقوله:
١٩٧ - لِعَزَة مُوحشًا طَلَلٌ قديمُ.................... (٢)
والأول أظهر، وهو أن يكونا مفعولين.
فإن قلت: لم أدخلت الهمزة على (غير) دون الفعل؟ قلت: قيل: لأن الإنكار في اتخاذ غير الله وليًا لا في اتخاذ الولي، فكان أولى بالتقديم لذلك، ونحوُهُ: ﴿أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ﴾. ﴿آللَّهُ أَذِنَ﴾ (٣).
وقوله: ﴿فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ﴾ الجمهور على جر ﴿فَاطِرِ﴾ على أنه صفة لله، أو بدل منه، وقرئ: بالنصب (٤) على المدح، أو على إضمار فعل تقديره: أَتْرُكُ فاطرَ السماوات والأرض؛ لأن قوله: ﴿أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا﴾ يدل على ترك الولاية له، وحَسُن إضماره لقوة هذه الدلالة، قاله الشيخ أبو علي (٥).

(١) أجازه العكبري ١/ ٤٨٤.
(٢) تقدم هذا الشاهد عدة مرات أولها برقم (٥٥).
(٣) الأولى من الزمر (٦٤)، والثانية من يونس (٥٩). وانظر القول في الكشاف ٢/ ٦.
(٤) كذا ذكر هذه القراءة الشاذة: الرازي ١٢/ ١٤٠، والعكبري ١/ ٤٨٤، وأبو حيان ٤/ ٨٥. ولم أجد من نسبها، لكن أجاز الفراء ١/ ٣٢٨، والزجاج ٢/ ٢٣٣ إعرابها بالنصب على المدح.
(٥) كذا حكاه القرطبي ٦/ ٣٩٧ عن أبي علي الفارسي أيضًا.


الصفحة التالية
Icon