وقوله: ﴿أَنْ يَفْقَهُوهُ﴾ مفعول له، أي: كراهة أن يفقهوه، و ﴿وَقْرًا﴾ عطف على قوله: ﴿أَكِنَّةً﴾، أي: وجعلنا في آذانهم وقرًا.
والجمهور على فتح الواو في قوله: ﴿وَقْرًا﴾. وقرئ: (وِقرًا) بكسرها (١)، أما الوَقْر بالفتح: فهو الثِقْلُ في الأذن، يقال: وقِرتْ أذنه تَوْقَرُ بكسر العين في الماضي وفتحها في الغابر وَقْرًا، إذا صمّت. قيل: والوَقار مشتق منه، وهو الإمساك عن الطيش، والفعل منه وقر يقر وقارًا، إذا استقر وثقل في المجلس (٢). وأما الوِقْر بالكسر: فهو الحِمْلُ. قيل: وفعل الله بهم هذا مجازاة على كفرهم (٣).
فإن قلت: لم جمع الأكنة، ووحد الوقر؟ قلت: لكونه مصدرًا، والمصدر بلفظه يقع على القليل والكثير.
وقوله: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ﴾ (حتى) هنا تحتمل أن تكون التي تقع بعدها الجمل، والجملة قوله: ﴿إِذَا جَاءُوكَ... يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾. وأن تكون الجارة، فـ ﴿إِذَا جَاءُوكَ﴾ على هذا الوجه في محل الجر، وعامل ﴿إِذَا﴾ جوابها وهو ﴿يَقُولُ﴾، و ﴿يُجَادِلُونَكَ﴾ في موضع الحال من الواو في ﴿جَاءُوكَ﴾.
وقوله: ﴿يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾ تفسير لمجادلتهم، عن الحسن (٤).
والأساطير: جمعٌ لا أعرف في ذلك خلافًا بين أهل العربية، وإنما اختلفوا في واحده، فقيل: واحده أسطورة، كأضحوكة وأضاحيك، وأحدوثة
(٢) انظر النكت والعيون ٢/ ١٠٣.
(٣) انظر معاني الزجاج ٢/ ٢٣٧، ومعاني النحاس ٢/ ٤١٠.
(٤) حكاه عنه الماوردي ٢/ ١٠٤.