حرفٌ مجهورٌ يشبه الذال في جهرها، فصار تَذْدَخِرون، ثم أدغمتِ الذال في الدال بعد قلبها دالًا (١).
وقرئ: (تَذْخَرُون) بالذال والتخفيف (٢). يقال: ذَخَرت الشيء أَذْخَرُهُ بالفتح فيهما ذُخْرًا، وكذلك ادَّخرته وعليه الجمهور، وقد مضى الكلام عليه آنفًا.
﴿وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (٥٠)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ﴾ (ومصدقًا): منصوب على الحال، وذو الحال وعاملها محذوفان دل عليهما قوله: ﴿وَجِئْتُكُمْ﴾، أي: جئتكم بآية، وجئتكم مصدقًا. ولك أن تعطفه على قوله: (بآية) إن جعلتها حالًا، أي: جئتكم موضحًا ومصدقًا، فلا حذف على هذا.
فإن قلت: هل يجوز أن يكون عطفًا على قوله: ﴿وَجِيهًا﴾؟ قلت: مُنع ذلك لأجل قوله: ﴿لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ﴾، ولو كان عطفًا عليه لكان (لما بين يديه) على لفظ الغَيبة.
قوله: ﴿مِنَ التَّوْرَاةِ﴾ في موضع نصب على الحال من المستكن في الظرف، والعامل فيها الظرف.
وقوله: ﴿وَلِأُحِلَّ لَكُمْ﴾ هو مردود على محذوف دل عليه معنى الكلام، كأنه قيل: وجئتكم مصدقًا لكذا لِأُسَهِّلَ عليكم، أو شبهه، ولأحل لكم.
وقيل: هو مردود على قوله: ﴿بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ﴾، أي: جئتكم بآية من ربكم ولأحل لكم.

(١) انظر هذا التصريف أيضًا في معاني الزجاج ١/ ٤١٤. وإعراب النحاس ١/ ٣٣٥.
(٢) نسبها النحاس ١/ ٣٣٤ إلى مجاهد، والزهري، وأيوب السختياني. وانظر المحرر الوجيز ٣/ ٩٨، والقرطبي ٤/ ٩٥. وقد صحفت في المحرر.


الصفحة التالية
Icon