و ﴿إِنْ﴾ بمعنى (ما) وهي كناية عن الحياة، أي: ما الحياة إلا هذه الحياة التي نحن فيها، ولا حياة بعدها، وهو قوله: ﴿وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ﴾ و ﴿بِمَبْعُوثِينَ﴾ في محل النصب بخبر (ما).
وقد جوز أن تكون (هي) في قوله: ﴿إِنْ هِيَ﴾ ضميرُ القِصَّةِ (١)، فتكون (الدنيا) على هذا خبرًا لا نعتًا؛ لأن القصة تُفَسَّرُ بالجملة لا بالمفرد (٢).
﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (٣٠)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ﴾ قيل: هذا مجاز عن الحبس للتوبيخ والسؤال، كما يوقف العبد الجاني بين يدي سيده ليعاقبه، وقيل: وقفوا على جزاء ربهم (٣).
وقوله: ﴿قَالَ أَلَيْسَ﴾ جواب ﴿إِذْ﴾، وهو في التقدير مردود على قول قائل قال: ماذا قال لهم ربهم إذ وقفوا عليه؟، فقيل: ﴿قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ﴾.
وقوله: ﴿قَالُوا﴾ جواب السؤال، وقوله: ﴿قَالَ فَذُوقُوا﴾ جواب الإِقرار.
وقوله: ﴿بِمَا كُنْتُمْ﴾ (ما) مصدرية، أي: بكفركم بلقاء الله؛ لأنهم أنكروا البعث وما يتصل به.
﴿قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَاحَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ (٣١)﴾:

(١) جوزه أبو البقاء ١/ ٤٨٩.
(٢) انظر إيضاحًا أكبر لهذا في الدر المصون ٤/ ٥٩٣ - ٥٩٤.
(٣) القولان للزمخشري في الكشاف ٢/ ١٠. وهما مأخوذان من تفسير الطبري ٧/ ١٧٨ قال: (إذ وقفوا) يوم القيامة، أي حبسوا. (على ربهم) يعني على حكم الله وقضائه فيهم. وانظر القرطبي ٦/ ٤١١.


الصفحة التالية
Icon