وقوله: ﴿فِي الظُّلُمَاتِ﴾ يحتمل أن يكون خبرًا بعد خبر، على معنى: المذكورون صُمٌّ لا يسمعون كلام المنبِّه، بُكْمٌ لا ينطقون بالحق، خابطون في ظلمات الكفر. وأن يكون نعتًا لـ ﴿صُمٌّ وَبُكْمٌ﴾، أي: كائنون فيها. وأن يكون متعلقًا بهما. وأن يكون حالًا من المستكن فيهما، أي: خابطين في الظلمات متحيرين فيها. وأن يكون خبر مبتدأ محذوف، أي: هم في الظلمات.
﴿قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٤٠)﴾:
قوله عز وجل: ﴿أَرَأَيْتَكُمْ﴾ الهمزة للاستفهام دخلت للتقرير، والتاء ضمير الفاعل، والضمير الثاني للخطاب لا محل له من الإعراب، إنما هو علامة تدل على الخطاب، كالتنوين وتاء التأنيث وياءي النسب، فكما أن التنوين علامة للأخف والأمكن، والتاء علامة التأنيث، والياءَ علامة النسب، ولا محل لهن من الإِعراب، كذلك هذه الكاف علامة للخطاب لا محل لها من الإِعراب، ودليل ذلك أنها لا تخلو من أن تكون في موضع رفع أو نصب أو جر:
فلا يجوز أن تكون في موضع رفع؛ لأنه لا رافع قبلها، إذ ليست بفاعل الفعل الذي قبلها؛ لأن فاعله التاء، ولا يكون لفعل واحد فاعلان، والكاف ليست من علامات المضمر المرفوع.
ولا يجوز أن تكون في موضع نصب؛ لأن هذا الفعل يتعدى إلى مفعولين، نحو: أرأيت زيدًا ما صنع، فلو جعلت الكاف في موضع نصب لكنت عديته إلى ثلاثة مفعولين، وأيضًا فلو كان في موضع نصب لكان هو الفاعل في المعنى، ويصير المعنى والتقدير: أرأيتك نفسك، وهذا خلف من القول، إذ ليس الغرض أرأيت نفسك بل أرأيت غيرك، ألا ترى أنك إذا