وقرئ أيضًا: (خَطًا) بوزن عَمًى (١)، وذلك يحتمل وجهين:
أن يكون حذف الهمزة حذفًا كقوله:
١٦٦ - * إن لم أقاتل فَلْبِسُوني بُرقعًا (٢) *
وقراءة من قرأ: (إنها لَحْدَى الكُبَرِ) (٣)، وقولهم: جا، يَجِي، وسَا، يَسُو (٤). ونحو هذا لا يقدم عليه إلَّا بالسمع.
وأن يكون أبدل من الهمزة ألفًا فجرى مجرى المقصور، نحو: عصا، ورحى، وهذا أيضًا مسموع لا مَقِيسٌ، فاعرفه.
وقوله: ﴿وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ﴾ عطف على قوله: ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ﴾. والدية: واحدة الديات، والهاء عوض من المحذوف، تقول: وديت القتيل أديه، إذا أعطيت ديته، وأصلها: وِدْيَةٌ كعِدَة، وأصلها: وِعْدَةٌ، وزِنَةٍ وأصلها: وِزْنَةٌ، وفيه كلام لا يليق ذكره هنا.
والدية هنا بمعنى المؤدَّاة، بشهادة قوله جل ذكره: ﴿مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ﴾، وإنما تسلَّم العين لا المعنى، ونحو هذا كثير في كلام القوم.
وقوله: ﴿إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا﴾ فيه وجهان، أحدهما: أنه استثناء ليس من الأول. والثاني: أنه منه متعلق بقوله: ﴿وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ﴾، ومحله النصب إمّا على الظرف بتقدير حذف الزمان، كقولك: اجلس ما دام زيد جالسًا، أي: وتجب عليه الدية إلّا حين يتصدقون عليه، أو على الحال من أهله،

(١) نسبت إلى الزهري، انظر المحتسب ١/ ١٩٤، والمحرر الوجيز في الموضع السابق. قال أبو الفتح: (مقصورًا خفيفًا بغير همز).
(٢) تقدم برقم (٩٥)، والشاهد فيه قوله: (فَلْبِسوني)، أصلها: فأَلبسوني.
(٣) سورة المدثر، الآية: ٣٥. والقراءة هكذا رواية عن ابن كثير، انظر السبعة ٦٥٩ - ٦٦٠، والحجة ٦/ ٣٣٩.
(٤) انظر المحتسب ١/ ١٩٤.


الصفحة التالية
Icon