واختلف في خبر إن على وجهين:
أحدهما: ﴿قَالُوا﴾ والراجع محذوف، والتقدير: قالوا لهم، وحذف ذلك للعلم به.
والثاني: قوله: ﴿فَأُولَئِكَ﴾ وما اتصل به. ودخلت الفاء لما في ﴿الَّذِينَ﴾ من الإِبهام الذي يشبه الشرط، و ﴿إِنَّ﴾ لا تمنع من ذلك؛ لأنها لا تغير معنى الابتداء، و ﴿قَالُوا﴾ على هذا الوجه في محل النصب على الحال من الملائكة الذين مُكِّنوا من قبض أرواحهم في حال ظلمهم أنفسهم، وقد معه مرادة على المذهب المنصور (١).
و﴿فِيمَ﴾ في موضع نصب بخبر كان، والأصل: فيما، فحذفت الألف من (ما) للفرق بين الاستفهام والخبر، وقد ذكر في غير موضع فيما سلف من الكتاب (٢).
وقوله: ﴿فِيمَ كُنْتُمْ﴾ فيه معنى التوبيخ، وُبِّخُوا بأنهم لم يكونوا في شيء من الدين، حيث قَدَرُوا على المهاجرة ولم يهاجروا، ولهذا اعتذروا واعْتَلُّوا بالاستضعاف، فقالوا: ﴿كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ﴾، و ﴿فِي الْأَرْضِ﴾ من صلة ﴿مُسْتَضْعَفِينَ﴾.
وقوله: ﴿أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً﴾ استفهام فيه معنى التوبيخ والتبكيت.
﴿فَتُهَاجِرُوا﴾ نصب على جواب الاستفهام.
﴿وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾: (مصيرًا) نصب على التمييز، وحكم ساء حكم بئس وقد ذكر (٣).

(١) يريد مذهب البصريين.
(٢) انظر إعراب الآية (٩١) من البقرة، والآية (٦٥) من آل عمران، وانظر مشكل مكي ١/ ٢٠٤ - ٢٠٣.
(٣) انظر الكلام على (بئس) عند إعراب الآية (٩٠) من سورة البقرة.


الصفحة التالية
Icon