وقوله: ﴿وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا﴾ (خصيمًا) فعيل بمعنى مفاعل، واللام على بابها، أي: ولا تكن لأجل الخائنين مخاصمًا لِلبرآء، وقيل: اللام بمعنى عن، أي: ولا تكن مخاصمًا دافعًا عن خائن (١). [والخصومة هي التنازع على سبيل المخالفة.
﴿وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا (١٠٧)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ﴾ أي: يخونون أنفسهم بخيانتهم لغيرهم، فإن وبال خيانتهم عائد على أنفسهم، فكأنهم خانوها، والمجادلة المحاجّة فيما فيه خلاف، من الجدل وهو الفتل، يقال: جَدَلْتُ الحبلَ أَجْدُلُهُ جَدْلًا، إذا فَتَلْتَهُ فتلًا محكمًا، لأن فيه فتل الخصم عن مذهبه، فاعرفه] (٢).
﴿يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا (١٠٨)﴾:
قوله عز وجل: ﴿يَسْتَخْفُونَ﴾ يحتمل أن يكون مستأنفًا، أي: هم يستخفون، وأن يكون في موضع النصب على النعت لِخَوِّانٍ (٣) حملًا على المعنى، إذ المراد به الجنس والكثرة.
وقوله: ﴿وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ﴾ (وهو معهم): ابتداء وخبر، و ﴿إِذْ﴾ متعلق بما تعلق به ﴿مَعَهُمْ﴾، و ﴿يُبَيِّتُونَ﴾ يدبرون ويتفكرون، وأصله أن يكون بالليل، قال أبو إسحاق: كل ما فُكِّر فيه، أو
(٢) ما بين المعقوفتين وهو إعراب الآية (١٠٧) مع الجملة التي قبلها ساقط من (أ) و (د).
(٣) من الآية (١٠٧) قبلها.