وهي الوسطى لضعفها بكونها بدلًا، ولكون التكرير بها حصل فصارت (لَمَّا) كما ترى، والمعنى: لمن أجل ما آتيتكم لتؤمنن به، فاعرفه فإنه قلَّما يوجد في كتاب.
وقرئ: ﴿آتَيْتُكُمْ﴾ لقوله: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ﴾، و (آتيناكم) على لفظ الجمع (١) إِشَادَةً بذكر المُنْزِلِ وتعظيمًا له، ويعضده: ﴿وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا﴾ (٢)، ﴿وَكُلًّا آتَيْنَا﴾ (٣) ونظائرهما في غير موضع من التنزيل.
وقوله: ﴿أَأَقْرَرْتُمْ﴾ الهمزة للتقرير، وفي الكلام حذف، أي: بذلك.
﴿إِصْرِي﴾: الجمهور على كسر الهمزة، وقرئ: (أُصري) بضمها (٤) وهما لغتان بمعنًى، عن أبي علي (٥). والإصر: العهد، وجمعه: آصار.
وقوله: ﴿فَاشْهَدُوا﴾ أي: فليشهد بعضكم على بعض بالإِقرار، والفاء جواب ما في الكلام من رائحة الشرط (٦).
﴿وَأَنَا﴾: على ذلكم من إقراركم وتشاهدكم شاهد منهم.
﴿فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٨٢)﴾:
قوله عز وجل: ﴿فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ﴾ (مَن): شرطية في موضع رفع بالابتداء. ﴿بَعْدَ ذَلِكَ﴾: الإشارة إلى أخذ الميثاق والتوكيد.

(١) قرأ المدنيان: (لما آتيناكم) بالنون والألف. وقرأ الباقون (لما آتيتكم) بالتاء. انظر السبعة / ٢١٤/، والحجة ٣/ ٦٩، والمبسوط/ ١٦٧/، والتذكرة ٢/ ٢٩١، والنشر ٢/ ٢٤١.
(٢) سورة الإسراء، الآية: ٥٥.
(٣) سورة الأنبياء، الآية: ٧٩.
(٤) رواية أبي بكر عن عاصم. انظر السبعة/ ٢١٤/، والحجة ٣/ ٧٠.
(٥) انظر الحجة في الموضع السابق.
(٦) أعربها أبو حيان ٢/ ٥١٤ عاطفة على محذوف تقديره: قال أأقررتم فاشهدوا. أقول: فهي الفصيحة على هذا التقدير، والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon