و ﴿تُنْفِقُوا﴾ جزم بها. و ﴿مِنْ شَيْءٍ﴾: ﴿مِنْ﴾ لتبيين ﴿وَمَا تُنْفِقُوا﴾ (١)، وقد ذكرت نظيره في غير موضع فيما سلف (٢). والضمير في ﴿بِهِ﴾ لشيء، والباء متعلقة بعليم، أي: فإن الله عليم بكل شيء تنفقونه فمجازيكم بحسبه.
﴿كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٩٣)﴾:
قوله عز وجل: ﴿كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ (كل الطعام): مبتدأ، وخبره: ﴿كَانَ﴾ وما اتصل بها، والطعام: المطعوم، مصدر بمعنى المفعول به، والحل: الحلال، مصدر بمعنى الفاعل، ويجوز أن يكون على بابه، يقال: حَلَّ الشيءُ حِلًّا، كما يقال: ذلَّت الدابة ذِلًّا، وعز الرجل عِزًّا، ولكونه مصدرًا استوى في الوصف به المذكر والمؤنث، والواحد والجمع، قال الله تعالى: ﴿لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ﴾ (٣).
وقوله: ﴿إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ﴾ (ما): في موضع نصب على الاستثناء من اسم كان، أي: إلا الطعامَ الذي حرمه إسرائيل. و ﴿عَلَى﴾ و ﴿مِنْ﴾ متعلقان بـ ﴿حَرَّمَ﴾، وقيل: كان حِلًا لبني إسرائيل من قبل أن تنزل التوراة.
﴿فَمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٩٤)﴾
قوله عز وجل: ﴿مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ﴾ (مِن) يحتمل أن يكون متعلقًا بـ ﴿افْتَرَى﴾. وأن يكون متعلقًاب ﴿الْكَذِبَ﴾، والإشارة في ذلك إلى ما ذكر من ظهور الحُجَّة، أي: من بعد ما لزمهم من الحجة القاطعة.
﴿قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٩٥)﴾:
(٢) انظر إعراب الآية (١٠٦) من سورة البقرة.
(٣) سورة الممتحنة، الآية: ١٠.