والثاني: اشتماله على آيات، لأن أثر القدم في الصخرة الصماء آية، وَغَوْصُهُ فيها إلى الكعبين آية، وإِلانَةُ بعضِ الصخرةِ دون بعضٍ آيةٌ، وإبقاؤه دون سائر آيات الأنبياء عليهم السلام آية لإِبراهيم عليه السلام خاصة، وحفظه مع كثرة أعدائه من المشركين وأهل الكتاب والملاحدة ألوفَ سنةٍ آيةٌ.
والثالث: أن يراد فيه آيات بينات مقام إِبراهيم، وأَمْنُ مَنْ دَخَلَهُ، أي: وأَمْنُ داخِلِه، لأن الاثنين نوع من الجمع كالثلاثة والأربعة، فاعرفه فإنه من كلام الزمخشري (١).
والجمهور على جمع الآيات، وقرئ: (آيةٌ بينةٌ) على التوحيد (٢)، على أنه يراد ﴿مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ﴾.
وقوله: ﴿وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا﴾ (مَن) تحتمل أن تكون موصولة، وأن تكون شرطية، وهي في كلا التقديرين في موضع رفع بالابتداء وما بعدها الخبر، والجملة مستأنفة على قراءة من وحذ (آيةٌ بينةٌ)، وأما على قراءة الجمهور فتحتمل أن تكون مستأنفة، وأن تكون عطفًا على ﴿مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ﴾ على ما ذكرت قبيل.
قوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ﴾ (حِجُّ البيتِ) رفع بالابتداء على المذهب المنصور. ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ﴾ الخبر.
ولك أن تجعل (لله) الخبر، ﴿عَلَى النَّاسِ﴾ في موضع نصب على الحال من المستكن في الظرف، كما تقول: في الدار على السرير زيد، ولك أن تجعل الظرفين خبرًا عن زيد، ولك أن تجعل في الدار الخبر وعلى السرير حالًا من المستكن في الدار، وليس لك أن تعكس، وهو أن تجعل في الدار
(٢) رويت عن ابن عباس رضي الله عنهما كما في معاني الفراء ١/ ٢٢٧، ومعاني الزجاج ١/ ٤٤٦، وتفسير الطبري ٤/ ١٠، وأضافها في الكشاف ١/ ٢٠٤ ومثله في البحر ٨/ ٣ إليه وإلى أُبي رضي الله عنه، ومجاهد، وأبي جعفر المدني في رواية قتيبة.