﴿وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (١٧٠)﴾:
قوله عزَّ وجلَّ: ﴿وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ﴾ محل ﴿وَالَّذِينَ﴾ الرفع بالابتداء، وفي خبره وجهان:
أحدهما: ﴿إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ﴾، وفيه تقديران: أحدهما - إنا لا نضيع أجر المصلحين منهم، فحذف للعلم به. والثاني - إنَّا لا نضيع أجرهم، فوضع الظاهر موضع المضمر؛ لأن المصلحين في معنى الذين يمسِّكون بالكتاب، كقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا﴾ (١).
والثاني: محذوف، أي: مأجورون أو نأجرهم وما أشبه هذا، وما بينهما اعتراض.
وقد جوز أن يكون ﴿الَّذِينَ﴾ مجرورًا عطفًا على: ﴿لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ﴾ (٢)، و: ﴿إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ﴾ اعتراض على هذا أيضًا (٣).
وقرئ: (يُمَسِّكون) بالتشديد (٤)، من مسَّك، و (يُمْسِكون) بالتخفيف (٥) من أمسك.
﴿وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٧١)﴾:
قوله عزَّ وجلَّ: ﴿وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ﴾ موضع (إذ) نصب بمضمر،

(١) سورة الكهف، الآية: ٣٠.
(٢) من الآية السابقة.
(٣) جوزه الزمخشري ٢/ ١٠٢.
(٤) هذه قراءة جمهور العشرة غير أبي بكر كما سوف يأتي.
(٥) قرأها عاصم في رواية أبي بكر وحده. انظر السبعة/ ٢٩٧/. والحجة ٤/ ١٠٢ - ١٠٣. والمبسوط/ ٢١٦/.


الصفحة التالية
Icon